زائر زائر
| موضوع: ليلة سقوط بغداد 2010-09-04, 01:24 | |
| ليلة سقوط بغدادكان أبو اسحاق الزجاجي يقول:بغداد حاضرة الدنيا و ما سواها بادية .و أنا أقول لك يا أبا اسحاق :أن بغدا حضارة بناها شعبها بعرق أجدادهم و أحفاذهم ,كان سورها لا يقهر ,برجها لا تجف عينا حارسها و لا ينام.قوة عظمى لا تقهرها النبال و لا السيوف.بغدادي كانت سرا مدفونا لا يعلمه غير أهلها و أهل الاسلام.دفن هذا السر أجدادنا بعد أن اتمنونا و وعددناهم بعدم بعدم النكث بهذا الوعد و حفظ الأمانة .حفظنا هذا السر داخل كتب دفنا تحت نبات الزعفران الفواحة ,حفظنا كلماتنا بماء الذهب الخالص كي لا تمحى كلماتنا.دفنا أرواحنا و أرواح أجدادنا تحت تراب نطفتنا ,تراب ذكي الرائحة ينشر عنبر الأمل و التفاؤل الى أولادنا منيرة مستقبلهم الجاهل .و مضت السنون و نسي أباؤنا المرور بجانب أشجارنا الكريمة ,نسوا سقيها,بدأت ريحها بالنفاذ,مستقبل أبنائنا بدأ يفقد نوره الزاكي,لكن أبي كان منشغلا و ساهيا. ذات ليلة شبت مخاصمة بيني و بين أخي , بدأت بجدال بسيط تشابك في الأراء .رفض أن يستمع الي ,كنت أتكلم و أتكلم ,وضع أصابعه على أذانه و امتنع عن اصغاء . صرخ في وجهي و منعني عن الكلام اتهمني بالكذب و الفسوق,أحمق ,غف,و جاهل,هذا ما كرره لسانه لعينه.أغاظتني كلماته ,هربت مسرعا الى منزلي لأعود محمول السلاح .اليوم صار عندي بندقية ,و لكن ليس لقتل كافر , اليوم صارت عندي بندقية , و أسفاه فتحت جرابي لأخرج دراهم تشتري بندقية تحميني غدر الدهر,فماذا فعلت بها؟ أوجه فوهتها في وجه أخي .طلبت منه السكوت الا أنه امتنع عن ذلك ,أمرته بأن يلتزم الصمت الا أنه زاد من حدة صوته ,أرجوك اخرس لم أعد أتحمل صوتك مزعج,اهدأ ,غاضني ما سمعت فلم أتمالك نفسي,ضغطت على الزناد فقبضت رصاصتي روح أخي ,صمت أخيرا, لكن ماذا فعلت الدم بين ساقي يسيل ؟قتلت أخي ,لم أجد طريقا امامي سوى الفرار,و نعم الاختيار,حل توارثناه عن آبائنا بعد أن نسوا وصية الأجداد,الهروب بين أحضان عائلتي التي ستحميني.
الخبر كان شديد الوقعة في نفوس من يسمع,انتشر انتشار النار و علم الجميع ما اقترفته يداي .الانتقام,هذه هي اللفظة التي رددتها الألسن ,فتحت أبواب جهنم بهذه الخطيئة و فزت بمكان مريح بين أحضان الجحيم في الدنيا و الآخرة,يا رب سامحني على ذنبي.
تحول الليل الى النهار و انقسم الأهالي الى فريقين و أعلنت صفارة البداية و تراشقت النيران هنا و هناك,زادت نيران البنادق النجوم بريقا ووميضا و فتحت الأبواب و نفخ في أبواق الجحيم,
اذا جاء موسى و ألقى العصا فقد بطل السحر و الساحر
أغلق باب التوبة و أغلقت أبواب الرحمة و الغفران من القلوب.الأرض مخضبة بالدماء و الأشجار أصبحت مرمى لرؤوس الضحايا. كنا في شغل عما كان يسرقه المجرمون ,كنا نقتل بعضنا البعض ,الأم تقتل ابنتها و الأب ينهش لحم ابنه ,حرب أهلية موحشة و العدو كما قال فيه الشاعر:
ان العدو وان أبدى مسالمة اذا رأى منك يوما غرة وثبا
يستل الجواهر المكنونة و بعد أن امتلأت بطنه لحما خرج من ساحة الوغى رافعا راية النصر .و هنا عرض يد المساعدة علينا,مرت لحظات و لمحنا شبحه داخلا علينا رفقة أسلحة تفوق ما نملك , وقفنا مدهوشين مستغربين لم ندر ما سنفعله,الى أن كسر حذاء أحدنا غشاوة الدهشة و هشم راية النصر التي رفعوها.تلقى رسالة الاقصاء بهشاشة,تبسم ثم تقدم قدما قاتلا الشيوخ و الأطفال و النساء مقتلعا نبات الزعفران مهشما ما كان تحته .
هكذا كانت ليلتي يا أبا اسحاق,ليلة سقوط بغداد ,هذه الحضارة التي كنا نتفاخر بها , ولكن رغم خسارة الحرب فأنا ابنها و لن أفرط في أي حبة تراب من رمالها,لأنها ملكي و ملكك,ذاك التراب الذي داسه جدي و جدك و علماء العرب.رغم قساوة تلك الليلة الا أنني لن أنساها لن أسى قسوتي و جحودي,تلك الليلة التي امتنع فيها أخي عن سماعي ,ليلة كنت فيها فظا غليظا متسلطا أرسم تخطيطا لأراء رأيت أنها امتازت عن أرائي أخي ,شعرت بروح الجبروت و التكبر تتملك جسدي و نفسي و روحي بعد أن حصلت على المال و العلم الذي حسدني فيه ألد أعدائي,يا ليت الماضي يعود و أصلح الأمر بيني و بين أعز اخواني قبل أن يدخل ألد أعدائي.امضاء الكاتبة الصغيرة مروى بن عبد الجليل |
|
كمال بوهلال عضو متميز جدا
المهنة : أستاذ تاريخ الاشتراك : 30/03/2009 المساهمات : 2176
| موضوع: رد: ليلة سقوط بغداد 2010-09-08, 23:36 | |
| | |
|