فرض مراقبة عدد1
في الفلسفة
احمد حرشاني
النص:
إن فكرة استقلال الذات المفكرة والشخص الأخلاقي( 1 ) ،
كما تمت صياغتهما من طرف الفلاسفة، لم تتحقق في الفكر الإنساني إلا في وقت متأخر.
فهي بمثابة نقطة وصول لمسار طويل في التعلم، وتحقيقا للنموذج الذي ربما ينبغي
على الإنسان أن يتوجه إليه بجهده. لكن، لا ينبغي أن ننسى أن تجربة الاستقلال
والعزلة لا تشكلان الواقعة الأولى في الوجود، كما عاشها الناس فعليا. فالإدعاءات الإيديولوجية حول الإنسان،
لا يمكن بأية حال، أن تنكر أشكال التضامن البسيطة والأساسية التي سمحت لتلك التنظيمات بالبقاء،
وللفكر أن يتشكل على أرض بشر أحياء. لهذا فإن أخلاقا ملموسة
هي التي ينبغي أن تحدد الجهد المبذول لأجل الكمال الشخصي،
ليس فقط في مجال الوجود الفردي، ولكن أيضا، وأولا، في مجال التعايش وداخل المجموعة البشرية. وفي الحقيقة
لا يتعلق الأمر هنا بنظامين مختلفين، فالعالم واحد، وكل نشاط بشري
يندرج داخل هذا العالم الذي تساهم قيمه في النمو والارتقاء. يعتقد "الفرد" أنه إمبراطور داخل إمبراطورية،
فيضع نفسه في مقابل العالم وفي تعارض مع الآخرين، بحيث يتصور نفسه كبداية مطلقة.
وعلى العكس من ذلك يدرك الشخص الأخلاقي أنه لا يوجد إلا بالمشاركة.
فيقبل الوجود النسبي، ويتخلى نهائيا عن الاستكفاء الوهمي. إنه ينفتح بذاته على الكون، ويستقبل الغير.
لقد فهم الشخص الأخلاقي ، أن الغنى الحقيقي لا يوجد في التحيز والتملك المنغلق، كما لو كان بإزاء كنز خفي،
ولكن يوجد بالأحرى في وجود يكتمل ويتلقى بقدر ما يعطي ويمنح.
جورج غوسدورف، مقالة في الوجود الأخلاقي، مكتبة أرموند كولان، باريس، 1949، ص : 201-202
الهوامش :
1- يعتبرامانويل كانط الإنسان، بوصفه موجودا عاقلا ، شخصا . والإنسان بوصفه شخصا،
يمثل غاية في ذاته ولا يمكن اعتباره وسيلة ، فهو يجد في ذاته غاية وجوده ،
هذه الغاية هي تنظيم وجوده وفق القانون الأخلاقي الذي يشرعه هو ذاته.
المطلوب : انجاز تخطيط بالاعتماد على الأسئلة التالية :
- ما هي الفكرة التي يستبعدها الكاتب ؟وما هي مبررات استبعادها؟ وما أساس الأطروحة المستبعدة ؟
- ما هي الفكرة التي يثبتها الكاتب ؟ وكيف حاجج عليها ؟ وما أساس أطروحة الكاتب ؟
- ما قيمة أطروحة الكاتب في واقعنا المعاصر؟
- هل من حدود لهذه الأطروحة التي يدافع عنها غوسدورف؟
منقول عن فلسفيات البكالوريا