تزامن مع احتفال تونس بالقيروان عاصعُقبة بن نافع مؤسس القيروان
عقبة ابن نافع الفهري هو مؤسس القيروان
عُقبة بن نافع بن عبد القيس القرشـي ، ولد في عهد الرسول
صلى اللـه عليه وسلم ، وكان والده من المسلمين الأوائل الذين
جاهدوا في سبيل الله ، فلم يكن غريبا أن يشب وحب الجهاد
يجري في عروقه
فتح إفريقية
انتقل عقبة رضي الله عنه إلى برقة في ليبيا بأمر من عمرو بن العاص
رضي الله عنه ، ليعلم المسلمين فيها أمور دينهم ، وينشر الإسلام في
هذه المنطقة ، ومكث رضي الله عنه مخلصا في نشر نور الإسلام ، فأسلم
على يديه كثير منهم ، وأحبوه حتى استطاع عقبة رضي الله عنه أن يكتسب
خبرة واسعة بكل أحوال البربر.
وظل عقبة واليا على برقة يدعو إلى الإسلام إلى أن جاءته رسالة من
الخليفة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه يخبره فيها بأنه قد اختاره
لفتح إفريقية وأن جيشا كبيرا في الطريق إليه ، ووصل الجيش وكان يبلغ
عدده عشرة آلاف جندي ، وكان في انتظاره جيش آخر من البربر الذين
أسلموا فحسن إسلامهم.
انطلق عقبة رضي الله عنه بجيشه المكون من العرب والبربر يفتتح البلاد ،
ويقاتل القبائل التي ارتدت عن الإسلام دون أن يقتل شيخا كبيرا ، ولا طفلا ،
ولا امرأة ، بل كان يعاملهم معاملة طيبة ، حسب تعاليم الإسلام في الحروب ،
ثم اتجه ناحية مدينة خاوار التي كانت تقع على قمة جبل شديد الارتفاع ،
فكان من الصعب على الجيش أن يتسلقه ، فوصل عقبة رضي الله عنه إلى
أسوار المدينة ، ولكن أهلها دخلوا حصونهم فحاصرها حصارا شديدا.
وهنا تظهر عبقرية عقبة رضي الله عنه الحربية ، فحين علم أن دخول المدينة
أمر صعب ، تراجع بجيشه مبتعدا عن المدينة ، حتى ظن أهلها أن جيش
المسلمين قد انسحب ، ففتحوا أبواب مدينتهم آمنين ، ولم يكن تراجع عقبة
رضي الله عنه إلا حيلة من حيله الحربية ، فقد علم أن هناك طريقا آخر للوصول
إلى هذه المدينة فسار عقبة رضي الله عنه فيه ، ولكنه فوجئ بأن هذا
الطريق ليس فيه عشب ولا ماء ، وكاد جيش عقبة رضي الله عنه يموت عطشا ،
فاتجه إلى الله يسأله ويدعوه أن يخرجه من هذاالمأزق الخطير.
فما كاد ينتهي من دعائه حتى رأى فرسه يضرب الأرض برجليه بحثا
عن الماء من شدة العطش ، وحدث ما لم يكن في الحسبان ، فقد استجاب
الله دعاء عقبة رضي الله عنه وانفجر الماء من تحت أقدام الفرس ، وكبر
عقبة رضي الله عنه ومعه المسلمون ، ولما شرب الجيش وارتوى أمر عقبة
رضي الله عنه جنوده بأن يحفروا سبعين حفرة في هذا المكان علهم يجدون
ماء عذبا ، وتحققت قدرة الله وأخذ الماء يتفجر من كل حفرة يحفرها المسلمون ،
ولما سمع البربر المقيمون بالقرب من هذه المنطقة بقصة الماء أقبلوا من كل
جهة يشاهدون ما حدث ، واعتنق عدد كبير منهم الإسلام.
تأسيس القيروان
انطلق عقبة رضي الله عنه ومعه جنوده إلى مدينة خاوار ودخلوها
ليلا ، ولما عاد عقبة رضي الله عنه فكر في بناء مدينة يعسكرفيها
المسلمون ، فاختار مكانا كثيف الأشجار يسمي قمونية جيد التربة ، نقي
الهواء ليبني فيه مدينته التي أسماها فيما بعد ( القيروان ) وكان الموضع
غيضة لا يرام من السباع والأفاعي ، فدعا عليها ونادى :
( إنا نازلون فاظعنوا )
فخرجن وهربوا حتى إن الوحوش لتحمل أولادها ، فقال لأصحابه :
( انزلوا بسم الله )
وأقام عقبة رضي الله عنه عدة أيام في القيروان يعيد تنظيم الجيش
حتى أصبح على أتم الاستعداد للغزو والفتح ، ثم انطلق إلى مدينة
الزاب وهي المدينة التي يطلق عليها الآن اسم قسطنطينة بالجزائر ،
يسكنها الروم والبربر ، والتحم الجيشان ، وأظهر عقبة رضي اله عنه
في هذه المعركة شجاعة نادرة ، فكان يحصد رءوس أعدائه حصدا ،
أما الجنودالمسلمون فقد استبسلوا في القتال حتى تم لهم النصر بإذن
الله تعالى .