الوداع الأخير
تمهيد : خطب جميل بثينة إلى أهلها , و قد شاع غزله فيها , فرد خائبا , إذ كان من عادة العرب ألا يزوجوا بناتهم من رجال تغزلوا بهن . و لما تزوجت بثينة من رجل آخر ظل جميل يلاحقها لا يردعه رادع حتى شكاه أهلها إلى الوالي مروان بن الحكم , فأحل قتله , فاضطر إلى الرحيل إلى مصر . و هناك قضى نحبه .
عن "الأغاني" للأصفاهني
ألا ليت ريعان الشباب جديـــــــــــــــد______و دهرا تولى يا بثين يعــــــــــــــــود
فنبقى كما كنا نكون , و أنتــــــــــــــــم______قريب , و إذا ما تبذلين زهيــــــــــــد
و ما أنس مِ الأشياء , لا أنس قولهــــــا______و قد قربت نضوي , أمصر تريــــد ؟
و لا قولها : لولا العيون التي تـــــــرى______لزرتك , فاعذرني فدتك جــــــــــــدود
خليلي ما ألقى من الوجد ظــــــــاهــــر______و دمعي بما أخفى , الغداة , شهيـــــــد
إذا قلت : ما بي يـــا بثينة قـــــــــاتلـي______من الحب , قالت : ثابت و يزيــــــــــد
و إن قلت : ردي بعض عقلي أعش به______تولت و قالت : ذاك منك بــعيـــــــــــد
فـــــلا أنا مردود بما جئت طــــالبـــــا______و لا حبها فيما يبيـــد يبيـــــــــــــــــــد
و يحب نسوان من الجهل أننــــــــــي______و إذا جئت , إياهن كنت أريــــــــــــــد
فأقسم طرفي بينهن فيستــــــــــــــوي______و في الصدر بون بينهن بعيـــــــــــــــد
ألا ليت شعري , هل أبيتن ليلـــــــــة______بوادي القرى ؟ إني إذن لسعيـــــــــــــد
يقولون : جاهد يا جميل بــــــــــغزوة______و أي جهاد غيرهن أريـــــــــــــــــــد ؟
لكل حديث بينهن بشــــــاشــــــــــــة______و كل قتيل عندهن شهيــــــــــــــــــــــد
جميل بن معمر _ ديوان
طبعة دار صادر , بيروت 1966 ص ص 38-39