انتهت هذه الملحمة البطولية ملحمة الدفاع عن قرطاج. واذا كانت هذه الحرب أسفرت عن وفاة مدينة، فقد أكدت أن الانسان أقوي من القهر، وأن ارادته لا تردع بسهولة. ولقد تأثر لهذه المأساة حتي بعض المؤرخين الأوروبيين، يقول وارمنغتون: ألقي سيبيو أميليانوس نظرة علي المدينة التي ازدهرت أكثر من سبعمائة سنة منذ انشائها، والتي حكمت مناطق كثيرة، جزرا وبحارا، وكانت ثرية في السلاح والأساطيل والفيلة والمال، مثل الامبراطوريات العظمي، بل والتي فاقتها في الإقدام والشجاعة الفائقة. فبالرغم من أنها جردت من كافة أسلحتها وسفنها، فقد صمدت أمام حصار شديد، ومجاعة دامت ثلاث سنوات، ووصلت الي نهايتها بالتدمير الكلي .
ويروي المؤرخ اليوناني بوليبيوس الذي رافق القائد الروماني في عملية التدمير، فيقول: أن سيبيو أمليانوس بكي تأثرا بما آل له عدوه، فاستعرض أمامه الحقيقة المتمثلة في أن الأفراد والأمم والامبراطوريات نهايتها محتومة، وكذلك نصيب مدينة طروادة العظيمة، ونهاية الامبراطوريات الأشورية، والميدية، والفارسية، والتدمير الأخير لامبراطورية مقدونية الكبيرة. تمعن في هذا كله ثم ردد بقصد أو بدون قصد، كلمات هكتور في الياذة هوميروس: (سيأتي اليوم الذي تسقط فيه طروادة المقدسة، وكذلك الملك بريام وجميع رجاله المسلحين معه) ، وعندما سأل المؤرخ بوليبيوس، سيبيو، ماذا تقصد بهذا؟ ، التفت اليه القائد الروماني وقال بتأثر: هذه لحظة عظيمة يا بوليبيوس..ان الخوف يتملكني من أن نفس المصير سيكون لوطني في يوم من الأيام