إن التعامل مع الأخطاء التي يرتكبها الأولاد أو حتى الزوجة فن من الفنون التي يجب على كل والد و زوج أن يتعلمها ويتقنها ويحول هذا الخطأ إلى قوة إيجابية بناءة في الأسرة لا إلى قوة سلبية هدامة .
ولنفترض أن أحدا من أبنائنا أخطأ فما هي الخطوات الإسلامية في معالجة هذا الخطأ أو ذاك .
إن كثيرا من الآباء والأمهات والأزواج يمارسون ممارسات غير إسلامية في معالجة الأخطاء التي تحصل في منازلهم وبالتالي بدلا من إيجاد حلول لهذه الأخطاء , وجدت أخطاء أخرى هي مضاعفات لهذه الممارسات وبالتالي نشأ في مجتمعنا مشاكل عديدة متراكبة ومتداخلة كان منشؤها التصرف غير الناضج مع خطأ ارتكبه أحد الأطراف ألم يقل الله تعالى " يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون(24) الأنفال
قال البخاري لما يحييكم : لما يصلحكم
فاستجابتنا لله وللرسول هي دعوة للإصلاح , ودعوة لترشيد المنهج , ودعوة للحياة بصورتها المثلى .
فعندما تقع المشكلة أو الخطأ في المنزل لا بد من بعض الخطوات الهامة لإزالة هذا الخطأ وفق المنهج الإسلامي السليم والأنيق والذي يحول من تفشي الخطأ ويحوله إلى نقطة مراجعة واستذكار .
والإسلام يرسم لنا الخطوط العريضة لطريقة التعامل هذه ويترك المجال أمام الأبوين لمعالجة الأمر وفق هذه الخطوط العريضة ليتناسب حلها مع كل زمان ومكان ومن هذه الخطوط العريضة ومن بعض نقاط هذا المنهج :
1 – تســليط الضــوء على الصـواب :
إن كثيرا من الذين يخطئون لا يعلمون حجم الخطأ الذي ارتكبوه ولربما لم يعلموا بأنهم قد أخطؤوا, لذلك يصعب على البعض منهم أن تلومه على الخطأ الذي ارتكبه , فالحل الأمثل في مثل هذه الحالة هو تسليط الضوء على الصواب و إزالة الغشاوة عن عينه , وتوضيح معالم الحق الغائب عن ذهنه , وهذا ما فعله النبي عليه السلام لمعاوية ابن الحكم
فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن معاوية بن الحكم السلمي قال بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم فقلت يرحمك الله فرماني القوم بأبصارهم فقلت
وا ثكل أمياه ما شأنكم تنظرون إلي فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم فلما رأيتهم يصمتونني سكت فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه فو الله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني لكنه قال إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن "
فمعاوية هذا لم يكن يعلم أن الصلاة لا يصح فيها الكلام والنبي عليه السلام لم يقف عند حدود الخطأ الذي فعله معاوية رضي الله عنه لكن التصرف النبوي السليم هو تسليط الضوء على الصواب , وبيان لما يجب أن يفعله في المرات القادمة دون نهر أو لوم أو شتم .
وفي البيت إذا وقع الخطأ من قبل أحد الأطراف فإن من الحلول المتنوعة تسليط الضوء على الصواب وإرشاد المخطئ إليه فلربما كان غائبا عن ذهنه ولم يقصد فعله أو التلبس به .
2- عدم تهويل الخطأ بحيث يصبح أكبر من حجمه :
كثير من الأخطاء التي تحصل في البيت تقابل بحجم أكبر من حجم الخطأ الذي حصل , وذلك نتيجة تهويل الأبوين لهذا الخطأ دون حاجة لذلك , فتكون ردة فعل الأبوين شديدة وقوية وربما تكون عنيفة بعض الشيء , وهذا ما يشكل إشكالية ذهنية في عقول الأولاد ,
وربما بعض الاضطرابات النفسية , وفي قصة جريج الذي أخطأ في إجابته لوالدته فواجهت والدته الخطأ الذي ارتكبه بخطأ آخر تمثل بالدعاء عليه مثال واضح لتهويل الخطأ بحيث يصبح أكبر من حجمه فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : (( لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة عيسى , وكان في بني إسرائيل رجل يقال له جريج كان يصلي جاءته أمه فدعته فقال أجيبها أو أصلي فقالت اللهم لا تمته حتى تريه وجوه المومسات وكان جريج في صومعته فتعرضت له امرأة وكلمته فأبى فأتت راعيا فأمكنته من نفسها فولدت غلاما فقالت من جريج فأتوه فكسروا صومعته وأنزلوه وسبوه فتوضأ وصلى ثم أتى الغلام فقال من أبوك يا غلام قال الراعي قالوا نبني صومعتك من ذهب قال لا إلا من طين.))
فهذه الحادثة جعلت الأم تضخم عصيان ولدها , حتى ألجأت نفسها للدعاء عليه , ويا لحظها التعس كانت ساعة الإجابة التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث :
" لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على خدمكم ولا تدعوا على أموالكم لا توافقوا من الله تبارك وتعالى ساعة نيل فيها عطاء فيستجيب لكم " أبو داود عن جابر بن عبد الله