* ولد الدكتور محمد إقبال سنة 1876م في الهند من أسرة براهمية الأصل اعتنقت الإسلام منذ ثلاثة قرون، درس الفلسفة في كلية لاهور وكان نابغاً في دراسته، وقال الشعر في سن مبكرة، وكان ينطق بالحكمة الإسلامية.
أرشد براهمة الهنود ليرفعوا
الإسلام فوق هياكل الأوثان
ان كان لي نغم الهنود ولحنهم
لكن هذا الصوت من عدنان
في سنة 1905م سافر إلى جامعة كيمبردج في بريطانيا، ثم إلى ميونيخ في ألمانيا ونال درجة الدكتوراه في الفلسفة، وقد استغل زمن اقامته في أوروبا فصار داعية إسلامية، مظهراً مزايا الإسلام, وألقى العديد من المحاضرات في انجلترا عن الإسلام وعظمته، وكتب قصائد اسلامية رائعة.
قد كان هذا الكون قبل وجودنا
روضاً وأزهاراً بغير شميم
لما أطل محمداً زكت الربى
وأخضر في البستان كل هشيم
هل أعلن التوحيد داع قبلنا
وهدى الشعوب إليك والأنظار
وقد سأل إقبال عن سر بلاغته في كشف أسرار الدين بأساليب لم يصل إليها أهل الفقه والتوحيد فقال: يرجع الفضل لأبي، فقد اعتاد أن يسألني كل صباح حين يراني منكباً أقرأ القرآن، ماذا تصنع؟ فأجيبه: أقرأ القرآن، وظل على ذلك ثلاث سنين يسأل نفس السؤال وأجيب نفس الجواب حتى كان يوماً فقلت له: ولكن لماذا تسألني عن شيء أنت أعلم بجوابه؟ فقال: إنما أردت أن أقول لك اقرأ القرآن وتعمق به واستغرق في معانيه وليست قراءة معتادة فقط، ومنذ ذلك اليوم بدأت أتفهم القرآن وأُقبل على معانيه.
وكان اقبال ينشد الشعر بالفارسية والأوردية في المحافل الدولية والأدبية والدينية،وأشعاره تحاول ايقاظ الشعور في قلوب المسلمين في كل مكان.
رحماك رب هل بغير جباهنا
عرف السجود ببيتك المعمور
كانت شفاف قلوبنا لك مصحفاً
يحوي جلال كتابك المسطور
وقد وافته المنية وهو ينظم كتابه أرمضان حجاز وقد طُبع بعد وفاته وقبل أن يودع الدنيا بعشر دقائق قال بيتين من الشعر:
نفحات مضين لي هل تعود
ونسيم من الحجاز سعيد
اذنت عيشتي بوشك الرحيل
هل لعلم الأسرار قلب جديد
وكان يتمنى ان تترجم اشعاره إلى اللغة العربية حتى يفهم العالم الإسلامي أسرار قلبه كما يقول، لقد عاش اقبال حياته باحثاً في أصول الدين متفهماً فلسفة الإسلام، ينظم أفكاره أشعاراً يدرسها لطلبة الكليات والمدارس الذين تعلقوا به كثيراً.
إذا الايمان ضاع فلا أمان
ولا ديناً لمن لم يحيي دينا
ومن رضي الحياة بغير دين
فقد جعل الفناء له قرينا
ومع ما كان عليه اقبال من استمساك باهداب الفضيلة واتباع لمبادئ الدين فلم يخل تاريخه من حساد تقولوا عليه للتقليل من شأن موهبته وابداعه، وكانت العقارب من بني جنسه تدب له لعرقلة خطواته، وكان اقبال يصف الإسلام بأنه دين السماحة وأنه اي الإسلام وضع النواميس والحدود, وتناول اقبال أحوال العالم كله وضمنها آراءه حول القوة,, هل هي قوة الفرد، أو الجماعة، أو قوة الأخلاق، وكان هدفه تهذيب الإنسانية بالكشف عن أسرار الإسلام، ومجد المسلمين الأولين، محاولاً أن يثير في أبناء الجيل قوة وحماساً ليتوجهوا إلى شرف الدنيا والآخرة وقال في هذا المعنى:
مجدك في حمى الإسلام باق
بقاء الشمس والسبع الشداد
ضياؤك مشرق في كل أرض
لأنك غير محدود المكان
وكان اقبال دائماً يوضح المفاضلة بين دين الإسلام وما عليه الاقوام الآخرون وقد سأله زملاؤه في جامعة كيمبردج في بريطانيا,, لماذا يُبعث الأنبياء ومؤسسو الأديان في آسيا دون أوروبا؟ فأجاب: لأن العالم مقسم بين الله والشيطان، ولما كانت آسيا من نصيب الله، كانت أوروبا من نصيب الشيطان ، فقالوا: قد عرفنا رسل الله فأين هم رسل الشيطان؟ فأجاب من فوره: انهم اليهود زعماء المكر والخداع , وكان اليهود وقتها مسيطرين على الاقتصاد الأوروبي تماماً.
وقد ذهب اقبال لزيارة إيطاليا وقابل الزعيم موسوليني في روما فقال له الدوتشي: انني أعجبت بما وصل إليَّ من أشعارك, فتحدث معه محمد اقبال عن الإسلام والمسلمين وعن انتشار الإسلام في الكثير من الدول الأوروبية، وعلل ذلك بفضل القبائل العربية التي كانت ما تزال تحتفظ ببداوتها القوية وفطرتها السليمة، كان اقبال متأثراً ومتصلاً بروح الإسلام مما أكسبه بصيرة نافذة ويؤكد بان الاسلام حقيقة عالمية يحتوي على مثل عليا واهداف عملية وأنظمة سياسية وأن هناك الكثير من الممالك والدول مدينة لقيامها للاسلام الذي دعاها إلى الاخاء الديني والترابط الاجتماعي والعدالة، وهي ليست مجرد نصح وترغيب بل هي خطط وقواعد تكفلت برعايتها التشريعات الحكيمة من نصوص الدين الحنيف,وان الاسلام يقرر ان الانسان وحدة كاملة دون فصل بين المادة والروح.
وكان اقبال يقول رحمه الله: ان المسلم لا وطن له، ولا مكان ولن يفنى مسلم بفناء الأزمنة والأوطان، لقد تعرضت الأوطان الإسلامية لهجمات وحشية من التتار والبلقان وغيرهم، وكان ذلك امتحان لذاتية المسلم، وبقى المسلم والمسلمون في كل بقاع الأرض خالدين ومنتشرين أبداً بقدرة الله سبحانه.
منقول عن khayma