هذه مجموعة مقالات حول الحرية والمسؤولية والاختيار
وهي تخص أصحابها ولكن لتعميم الفائدة نقلتها ويمكن التعليق عليها أو دعمها بمقالات أخرى في نفس الاطار لتكوين مادة معرفية هامة من اختلاف الآراء
المقال الأول بعنوان : مسؤولية الإنسان بين الإرادة واستحكام العقل
عن جريدة الصباح العراقية كتب المقال : نجم بحري فشكرا له
ان الجدال حول حرية الادارة ومدى هيمنةالانسان في تقرير تصرفاته وبالتالي مدى مسؤوليته الاخلاقية والتربوية والاجتماعية والقانونية الناتجة عن تصرفاته يرجع الى زمن بعيد.وقد يبدو ان كون.. الانسان محاطاً بجملة من المؤشرات الطبيعية والاجتماعية والتقاليد والعوامل النفسية والوراثية وغيرها
..جعل المفكرين والفقهاء يشكون في ان يكون له حظ كبير في توجيه ارادته توجيهاً حراً مستقلاً.
هذا بالاضافة الى ان التسليم بقدرة الارادة البشرية الفعالة ، مستقلة عن الارادة الالهية قد يصطدم التصور الديني للذات الالهية المطلقة وبكثير من النصوص الدينية واذا كنا لاننوي الخوض في الآراء التي قيلت والمذاهب التي ظهرت في شتى العصور الغابرة .. والفلسفات الدينية والاجتماعية وغيرها حول موضوع (الارادة الانسانية ) .الا انه ينبغي علينا ان نثبت ان العدلية عامة اخذت بفكرة الارادة الحرة انطلاقاً من نظرتهم الى مسألة العدل الالهي وهي مسألة ذات صفة وتقى بما استقر لديهم من ثبات القيم الموضوعية .
لقد ثبت ان العدل هو ماتقتضيه الحكمة .
وان كل افعاله (تعالى) مما يقتضيها العدل والحكمة والاصلاح واذا تقررعقلاً ان فعلاً ماقبيح لوجه خاص فيه فانه يجب ان يستبعد من دائرة افعاله (تعالى).
والحكمة ان يخلو خلق الله من الشرور والآفات .. وحيث ان العدلية وجدت في اعمال الانسان وتصرفاته ماهو اظلم وقبيح في ذاته ، فقد رأت ان المرء نفسه خالق وموجود لافعاله وفي ذلك يقول الامام (الشهرستاني ) : اتفقوا على ان العبد قادر وخالق لافعاله خيرها وشرورها .. مستحقاً على مايفعله ثواباً او عقاباً في الدار الآخرة .
فالانسان اذن مختار حر الارادة يتصرف بموجب القدرة التي منحتها له العناية الالهية كما يشاء .. ويوجهها حسبما يريد ، فهم يثبتون للقدرة صلاحية الخلق والايجاد لانهم يرون انه القادر.
ويستحسن الفقهاء المدح والذم في امثال هذه التصرفات والافعال ويحكمون باستحقاق الثواب والعقاب وذلك يدل على انها من فعل الانسان وكل ذلك يؤيد مسؤولية الانسان تجاه الافعال المتولدة فمن حفر حفرة في طريق يقع فيها شخص ، يسأل عن فعله السبب من حيث ان ذلك متعلق بقدرته او من يقدم على ذبح انسان اعزل او قتل طفل او يقدم على اختطاف امرأة او فتاة فهو يفعل بارادته .. ولكن ماهو الدافع ..فهل سأل نفسه ساعة وقوع الحدث ..؟ بل ماهو موقف القانون الوضعي دع عنك قانون السماء . لان قانون الارض اقرب لهذا الفاعل بالشر والمكروه وبعيداً عن فعل الخير .. وهو شعور يقتضي تطبيق مبادئ القانون الطبيعي مع مراعاة ظروف الاشخاص وجزيئات الحالات ويعني ذلك ان قواعد العدالة هي القانون الطبيعي الذي يلاحظ فيه الاعداد بالملابسات الخاصة والاعتبارات الجزئية على شيء لابد له من التأثير عن مقدوره ، ويجب ان ينفي ذلك التأثير في الوجود ، لان حصول الفعل يكون بالوجود لابصفة تقارن الموجود .
وقد استدل الفقهاء على تقرير حرية الانسان بادلة عقلية واخرى سمعية ومن خلال ذلك ستكون امام ادلة عقلية لانها تتعلق بثبات القيم العقلية ذاتها وهو موضوع التحسين العقلي .
اما الاستدلال السمعي الذي توسعت البحوث والمؤلفات الكلامية في بيانها ومنافساتها فأنها تعتبر احدى الخصائص المفروضة على العقل المجرد.
والبرهنة في الاداء .
فالانسان يريد ان يفعل ويقصد ان يفعل وارادته للفعل لاتكون مع مراده او طموحه ، وانما لابد ان تكون متقدمة على المراد . وفي اللحظة الاخيرة من العزم تخرج الارادة الى حيزالتنفيذ وتكون موجبة لمرادها بلا فعل . وما يتعلق بحرية الادارة وتأثير الارادة الانسانية في الافعال مانقل عن الجمهور مايخالف العديد من الطرح المغاير لاصحاب هذا الرأي .
لذلك فأن الانسان يتحمل مسؤولية افعاله المتولدة من الوجهة الدينية والاخلاقية وكذلك الاعراف الاجتماعية التي تربى عليها من المحيط .
وعليه فأن القانون الذي يحدد الكيفية التي يعالج بها تصرفات الشر البادرة عن عن ذات الانسان ابن الطبيعة ذاتها كسلوك شاذ يخلو من العرف والقيم التربوية ، فالتحصيل الحاصل بالانحراف الواضح للانسان غير السوي .. اي الخارج عن القانون .. الفاعل بلا ادنى حدود العقل والمجرد من الوعي . الفارغ من الوعاء الاخلاقي .فشروعه القتل والسلب والاغتصاب وخلق الهلع في المجتمع المدني . انما هي شريعة الغاب المفعمة بسقوط مملكة الاشرار الذين يمثلون بحق صفة الارهاب المستفعل وسط هذا الخضم الهادئ البسيط من الناس . اذن فان هذا القانون المبني على العدل والمساواة...يتطلب استحكام الفعل الوارد لوضع هذا الانسان المنظور بحدود الذات عن اخلاقية المبدأ المحددة اطرافها بالسلوك التربوي
جريدة الصباح العراقية