الفلسفة كلمة يونانية الأصل معناها الحكمة،وفيلسوف معناها محب الحكمة.لم يعرف العرب الفلسفة إلا في العصر العباسي بعد قيام حركة الترجمة،فكان لكتب الفلسفة المتوفرة في أنطاكية وحران والاسكندرية،بالإضافة إلى تشجيع الخليفة المأمون بالحصول على المخطوطات الفلسفية الفضل في انتشار هذا العلم.
حاول العرب بعد استيعاب الفلسفة اليونانية إضافة شروح لها،كما حاولوا ادخال الفلسفة اليونانية في شرح الدين الإسلامي،وجعلوها سندا للعقيدة.وقد ركز الفلاسفة المسلمون على معرفة فلسفة أرسطوطاليس وأفلاطون،ومناقشة مسألة خلق العالم،والزمن والنفس والخير والشر. ويعتبر عبد الله بن المقفع الفارسي(ت:140ه/757)أول من اعتنى بالفلسفة،وترجم كتب أرسطو الفلسفية عن الفارسية.
لقد أثار ادخال الفلسفة في الدين عداوة بعض رجال الدين مثل الغزالي(ت:505ه/1112م) وألف كتابا ضدهم بعنوان تهافت الفلاسفة.
اعتمدت الفلسفة الإسلامية على الفلسفة الاغريقية وخاصة أرسطو،كما اعتمدت على الأفلاطونية الحديثة،ذلك أن هذا المذهب كان قد نشأ وانتشر في الاسكندرية،وأخذ المسلمون منها ما يلائمهم واهتموا بالتوفيق بين الفلسفة والدين.
بدأ المسلمون بنقل الفلسفة الاغريقية في القرن الثالث الهجري/التاسع ميلادي،وازدهرت بعد ذلك،وامتاز الفلاسفة بإيمانهم بضرورة التقدم الفكري.ومن الفلاسفة المشهورين:
*الكندي:أبو يوسف يعقوب بن اسحاق توفي عام 257/870 وهو عربي الأصل نشأ في الكوفة،نبغ في الترجمة فترجم عددا من الكتب الفلسفية الاغريقية،وانتقد بعضها.وألف كثيرا من الكتب التي تبحث في مباديء المنطق والعلوم الطبيعية،وقد لقب بفيلسوف العرب،وقد شجعه على دراسة الفلسفة النهضة العلمية التي كانت مزدهرة في عصره فقد عاش في كنف المأمون والمعتصم.
ومن كتبه المشهورة:كتاب التوحيد،وكتاب إثبات النبوة...
*الرازي:هو أبو بكر محمد بن زكريا،توفي سنة 313ه/924م وهو فارسي الأصل من مدينة الري كان فيلسوفا وطبيبا،وقد وضع الكثير من الكتب أبرزها كتابه عن سيرة حياته ضمنه الكثير من آراءه في الفلسفة والعلوم وتقدم الفكر الإنساني والأخلاق والحياة عامة.
*الفارابي:أبو نصر محمد توفي سنة 339ه/950م وهو من خراسان،أقام في بلاط سيف الدولة الحمداني في حلب فترة من الزمن،درس الفلسفة في بغداد وحران،شرح جميع كتب أرسطو،لقب بفيلسوف الإسلام والمعلم الثاني على اعتبار أن أرسطو كان يلقب بالمعلم الأول.
وضع عددا من المصنفات،أشهرها آراء أهل المدينة الفاضلة الذي تناول فيه المجتمع المثالي،وصفات رئيس المدينة.وقيل أنه كان يعرف سبعين لغة،وهو الذي تمكن من اختراع آلة القانون في الموسيقى.
*جماعة إخوان الصفا:جماعة سرية ذات نزعة شيعية كانوا موضع عطف بني بويه في بغداد،وقد نشرت هذه الجماعة عددا من الرسائل(51 رسالة) تبحث في كثير من النواحي الفلسفية،حتى أصبحت أشبه بدائرة معارف عامة،تعرضت إلى الكلام عن المنطق والطبيعيات والرياضيات.
*ابن سينا:أبو علي بن عبد الله توفي سنة 428ه/1037م وهو فارسي الأصل،ذاع صيته في الفلسفة والطب،قرأ العلوم ولا سيما علوم القرآن والحديث والفقه،كما درس العلوم الطبيةوالفلسفية.حاول التوفيق بين فلسفته وعقيدة أهل السنة واعتبرها طريقين يؤديان في النهاية إلى نفس الحقيقة.ألف عددا من الكتب أشهرها كتاب'الشفاء' ويتكون من 18 مجلدا وهو موسوعة فلسفية كبرى شملت المنطق والطبيعيات والالهيات،وقد ترجم الكتاب إلى اللاتينية ثم إلى الأروبية.
*ابن باجة:توفي سنة 523ه/1138م فيلسوف أندلسي عاش في النصف الثاني من القرن الخامس الهجري في عصر المرابطين،وقد شرح مذاهب أرسطو وله كتاب'تدبير الموحد' ترجم إللا اللغة الأوروبية.
*ابن طفيل:توفي سنة 851ه/1185م عاش في غرناطة في عصر الموحدين في النصف الثاني من القرن السادس الهجري وكان طبيبا.اشتهر بالفلسفة ولا سيما كتابه'حي بن يقضان' الذي عرض فيه حياة رجل وجد منذ نعومة أظفاره في جزيرة نائية وقد عاش مع الحيوانات وأرضعته ظبية إلى أن كبر،واستطاع بقوة عقله أن يهتدي إلى معرفة الله وخلود النفس،والقصة خيالية أراد بها ابن الطفيل أن يبين أن حقيقة الله تدرك بالفطرة دون تعليم.
*ابن رشد:توفي سنة 595ه/1198م عاش في كنف أمراء الموحدين،ويعتبر من أشهر فلاسفة الأندلس وهو تلميذ بن طفيل،وشرح كتب أرسطو ورد على الغزالي بكتاب'تهافت التهافت'.اتهم بالزندقة لكثرة أبحاثه العقلية لذلك أحرق أمير الموحدين كتبه الفلسفية.
هذا وقد ترجم الأوروبيون كتب الفلاسفة المسلمين إلى اللاتينية،ولا سيما كتب الفارابي وابن سينا وابن الطفيل وابن رشد والرازي،ووضعوا لها الشروح.
تتفق الفلسفة والكلام في أن كلا منهما يبحث عن الحقيقة مستخدما العقل ومتبعا طرق القياس والاجتهاد والاستنتاج،ويختلفان في نطاق البحث،فعلم الكلام يعمل ضمن دائرة الشريعة فقط بينما تبحث الفلسفة في مظاهر الكون وتتعرض لمشاكل الفكر أنى وجدت.والكلام يقوم على الوحي ويستمد مبادئه من الشرع،ويحاول أن يستخدم البرهان لتأييد الإيمان.أما الفلسفة فتقوم على النظر المجرد وتسترشد بالاستدلال البرهاني وتثق بما يثبته العقل فقط،فالفيلسوف لا يؤمن بصحة شيء إلا بعد أن يقدم العقل الدليل القاطع على صحته.