برج العقرب في لغة الأبراج فالعقرب إنسان غير عادي يتمتع بصفات غير عادية تشبه من نواح كثيرة صفات الحشرة المذكورة و إن كانت أقل منها فتكا و أذى حقيقيا .
و كما تسرح حشرة العقرب في سكون الليل و ظلامه كذلك يفعل إنسان برج العقرب ,
يظل متخفيا متكتما في النهار و الليل وراء قناع خارجي يخيل للناظر أنه وجهه الحقيقي بينما هو في الواقع وجه مزيف بينه و بين الوجه الصحيح المختبئ وراءه فرق شاسع .
بالرغم من ذلك يمكن التعرف إلى هذا الإنسان بواسطة أمرين : أولا عيناه الثاقبتان اللتان تشعران المرء بالقلق و الضيق ,
و ثانيا صوته الذي لا يمر دون أن يترك في السامع أثرا غريبا سواء أكان من النوع الأجش أو الحاد أو المخملي .
يضاف إلى ذلك مظهر خارجي حاد في جميع تفاصيله . لكن الأهم من ذلك هو تأثير إنسان برج العقرب في الأجواء التي يوجد فيها .
إن أي مكان يجلس فيه أو يدخل إليه فجأة يصبح أشبه شيء بحقل من الكهرباء أو المغنطيس أو الذرة . إنه بكلام آخر " يشرقط " الجو كما يقولون عادة .
لقد تأثر إنسان برج العقرب عند ولادته بالكوكب السيار أفلاطون ( بلوتو ) الذي أمده بقدرة التحكم في قسمات وجهه و مشاعره الداخلية على النحو الذي يريد .
و لهذا السبب يستطيع الاحتفاظ بجموده العجيب في جميع الظروف و الأحوال
دون أن يضطر إلى الضحك أو العبوس أو الصراخ أو القهقهة أو القفز أو الركض أو حتى مجرد الانحناء الخفيف أو الانتصاب الخفيف لسبب أو لآخر .
و إذا بدا عكس ذلك في بعض الأحيان كان السبب غاية في نفسه فرضت عليه تمثيل دوره الجديد عن قصد و سابق تصميم الأمر الذي يثبت صحة ما ذكرناه ,
قبلا وهو أن وجه العقرب الخارجي ليس سوى وجه مزيف بينه و بين وجهه الحقيقي فرق شاسع .
إن أكثر الأشياء وضوحا عند هذا الإنسان هو " الأنا " . فهو يعرف تماما من هو و ماذا يريد من نفسه ومن الآخرين .
و لذلك يستحيل تحريكه بكلمة خير أو شر , و لأنه يرفض التودد سواء منه أو إليه , يصدر أحكامه بصدق جارح في كثير من الأحيان .
معارفه فئتان : أصدقاؤه المعجبون و المتعلقون به و أعداؤه الألداء . بين الفئتين لا وجود لأحد على الإطلاق لأن من الصعب على أي كان الاحتفاظ بشعور اللامبالاة تجاهه .
كان علماء الفلك قديما يرمزن إلى مواليد برج العقرب بواسطة أفعى أو ضب أو نسر في بعض الأحيان ,
و سبب ذلك يعود ولا ريب إلى تعدد الأدوار و الشخصيات التي ينجح في أدائها . فهو بحسب الظروف و الأوضاع – تارة عقرب سام يؤذي لمجرد اللذة ولا يتورع حتى في أذية نفسه ,
و طورا ضب قاصر لئيم يعيش في الظلمات و الخوف , و أحيانا يتحول العقرب أو الضب إلى نسر عظيم يحلق في الأجواء متحديا الفشل و المرض و الفقر ,
حتى الموت نفسه . هنا يبلغ الإنسان العقرب أسمى درجات الشجاعة و التفاؤل و العظمة .
شجاعته في الواقع مضرب الأمثال . إنه رجل الساحة وقت الحروب و الزلازل و الحرائق و جميع الكوارث التي فيها تحد لشجاعة الإنسان و حياته .
إخلاصه لعمله و عائلته و أصدقائه يدفعه إلى الإلقاء بنفسه في التهلكة دون تردد إذا عرف أن في موته خلاص للآخرين . أمر قد لا يصدق و لكنه الواقع :
هذا الإنسان القوي المتسلط إلى أقصى الحدود يتعلق أحيانا بالدين و يتعمق في أسرار الحياة و الموت
و يحمي الأطفال و الضعفاء و يداوي النفوس و الأجسام المريضة مثله في ذلك مثل القديسين في تضحيتهم و عطائهم .
مقابل هذا قد تطرأ ظروف عكسية تحوله إلى شيطان يزرع الفساد و الشر و يقابل الإساءة بأضعافها ,
و إذا لم يتسن له الانتقام سكت على الضيم مكرها و شعر من جراء ذلك بمرارة شديدة قد تسبب له مع الوقت مرضا حقيقيا.
إذا تتوقف حالة هذا الإنسان الصحية إلى حد بعيد على مزاجه و ظروفه المعيشية .
قد يصاب بالمرض بسبب الإفراط في الطعام و الشراب و التدخين و أحيانا الإدمان على المخدرات و العقاقير ,
و لكنه يستطيع الشفاء أيضا بفعل إرادته القوية . هذا و عليه أن يحتاط لنفسه من خطر النار و المتفجرات و الغازات السامة
و الإشعاعات الذرية و غير ذلك من العوامل التي تندفع نحوها و تنجذب إليها طبيعة التحدي فيه .
يستطيع إنسان برج العقرب الإبداع في أي عمل يمارسه . و خصوصا في الجراحة و السياسة و التلحين و التمثيل و الأدب و الجاسوسية و البوليس , حتى في حفر القبور .
طموحه على كل حال كفيل بإيصاله إلى حيث يصبو مع أنه يسير نحو أهدافه بكل حذر و تؤدة و دون أن تظهر عليه بوادر الاهتمام أو المنافسة .
هذا من جهة , من جهة ثانية قد يتحول اهتمامه بالدين إلى الاهتمام بالسحر و التنجيم و قراءة الكف وعلوم أخرى كانت منتشرة فيما مضى .
يقال إن هذا الإنسان يرمز في علم الفلك القديم إلى البعث و القيامة
و لهذا السبب ساد الاعتقاد أن ولادته ترافقها دائما وفاة قريب له إما خلال السنة التي تسبقها – أي تسبق الولادة – أو خلال السنة التي تليها .