وهــج البـُردة
القصيدة من إنتاجي وستصدر في ديواني الجديد : كبرياء التراب
"معارضة لبردة كعب بن زهير"
حُكم الأحبّة مسموعٌ ومقبـول
وجَورُهم في الهوى عدلٌ ومعقـول
وبُخلهم بالذي نرجوه مكرُمـة
ومُرّ ما يهَبُ الأحباب معسـول
في هيكل الحبّ يشتدّ الصَّبا ألقا
كأنما العاشق الولهان مخبـول
ويَنطق الصمت آهاتِ مقطّعـة ً
كأنما الصوت مكسور ومذهولُ
يغطّه اليأسُ حينًا ثم يُنعشــه
وهْمُ الوصال فيصحو وهوَ مكبول
لا يعرف الحبَّ من قادته شهوته
إلى الجسومِ وأغرته التماثيـل
فالحبّ أجملُ ما تشقى القلوب به
والعمرُ في حرم المحبوب مبذول
والغَدر أقبحُ ما تأسـى النفوسُ له
كم من مُحبّ تردّى وهو متبـول
إلا الذين روَوْا حوض الكريم هوى
هزّ َالفؤاد َ، وباب الوصل مأمـول
هو الحبيب الذي لا كِبرَ يخدشــه
ولا تعالِ ولا هجرٌ وتبديـل
حديثُه الدّرُّ لم يُنطقه فيه هـــوًى
وخطوُه البرّ مكتوب ومفعـول
ويعرفُ القولُ أنّي لا أصــــدّقه
مهما تحلّى وجلّى وهو مصقول
كلّّ الخلائق قد ترنو إلى ِصفــة
إلا النبيّ ففوق الوصف مجبـول
أسْرى به الحقُّ في العلياء متّشحـا
بالمكرمات وفي يُمناه تنـزيل
لا الشمس تُبصره لا البرقُ يلمحه
فكيف تَنبحُه العميان والحُول ؟
من ذا يُسيئ إلى المختـار في أفُق
فوق الزمان وِسترُ الله مســدول ؟
هل لي ببُردتك الخضراء تجمعني
قد بَعثر الرّوحَ تشريدٌ وتضلـيل
هل لي بها سكنا أرتاح فيه مدى
قد هدّني التيهُ والمركوب مهـزول
هل لي بها عبقا يُحيي بروقَ دمي
فأُبصرَ النهجَ تحميه التهاليــل
هل لي بها نبأ ًبالوعد مبتهجــا
إن الفؤاد تلظّى وهو مكلول
يا أحمد العشق إني ذائب خجـلا
من أمنياتي وأحزاني سرابيـل
أشكو لك السهوَ والنسيانَ يُبعدنا
نحو المتاهات والإبعادُ تنكـيل
ذي أمّة خمدت أشواقُها فغدَت
كشارد الوهم تذروه المخاييـل
ما بالها الآن لا نهجٌ يؤلّفهــا
مسلوبة َ الرّوح والوجدانُ مخــذول
من للرّسالة والراياتُ قد همَدت
وأُلجِم المُهرُ والمَهريُّ معـزول
من للوديعة والأعرابُ قد نقضوا
عهدا مع الأرض والتاريخُ مذهـول
من للمواجع والأحشاءُ موقدةٌ
ثكلى وطفلٌ مُسجّى والرّدى غـول؟
كلّ الخساراتِ عشناها على أمل
أن ينصرَ اللهُ ، والإقدامُ مغلـول
كلّ البياناتِ جرّبنا فصاحتهـا
وكلّها يئست منها الغرابيـل
لولاك لا لقبٌ كنّاهُ أو نسبٌ
ولا تألّفَ منا في المدى طُـول
هذا هو اليُتم والأكوانُ شاهدةُ
أناّ بلا زمن والعمرُ مملـول
أسلمتُ وجهيَ للرّحمان مقتنعا
ونهجُك السمحُ في عينيَّ قنديل
ذاك الكتابُ فلا قولٌ يطاوله
ولا عقولٌ ولا يُفنيه تأويـل.