الإنسان كائن اجتماعي بطبعه، وهو دائما بحاجة إلى الاجتماع مع بني جنسه لأنه ضعيف لا يستطيع مواجهة الحياة ولا متطلبات وجوده وحياته على الأرض وحده.
لذلك كانت الأسرة بمثابة المكان الطبيعي للإنسان سواء كان طفلا أو شابا، يافعا أو رجلا رشيدا أو شيخا كبيرا، يتواجد فيها كي تسد احتياجاته وتعمل على إشباع رغباته، ولقد أثبتت بحوث علم النفس الحديث أهمية التربية المنزلية في شخصية الفرد في سنواته الخمس الأولى. فنوع هذه التربية يطبع الفرد بطابع قد يظل معه طيلة حياته وتؤثر عليه في حياته المستقبلية مما يكون سببا جوهريا في سعادة أو شقاء الحياة .
العائلة
العائلة هي البيئة الأولى للإنسان الفرد وهى محضن المعاني الإنسانية والمثل العليا، تمنحها لأطفالها الصغار وتغرس فيهم صفات النبل والإيثار فلابد للطفل من النشأة في الأسرة، فالتربية في المراحل الأولى للطفولة هي الصورة المثلي للحياة الهادئة المطمئنة التي تلبى رغبات الفرد وتفي بحاجاته وجوده، فهي نواة المجتمع ومن خلالها تتحقق فوائد عديدة للطفل والوالدين والمجتمع .
أهمية العائلة
من البديهي إن تحقيق النضج الانفعالي أي الوصول إلى صحة وتوازن نفسي لا يمكن أن يتم إلا من خلال طفولة نعمت بالحب والحنان والقدوة الطيبة والطمأنينة، فاٍنه لن يستطيع أحد غير العائلة بتزويد أطفالهن بذلك الغذاء الوجداني فلذلك يبرز دور العائلة في مرحلة الطفولة وهى من أهم المراحل التي يمر بها الإنسان، إنها مرحلة تكوينية وتغرس فيها البذور لشخصية الفرد، وتشكل عاداته واتجاهاته، وميوله، وقدراته، وترسم الخطوط الكبرى لما سيكون عليه الطفل في المستقبل .
أثر غياب العائلة
إن ٍانتشار الأزمات النفسية في مظاهرها المعقدة ليست إلا دليل على أن بيوتا كثيرة لم تستطع أن تحيط صغارها بالحب والحنان والطمأنينة اللذين دونهما سيشبون على سقم وانحلال، فان الذي لم يحصل إلا على القليل من الحب في سنيه الأولى سيظل متعطشا إلى المزيد من هذا الغذاء الوجداني شاعرا بالحرمان من حقه في الحب عاجزا بدوره عن أن يحب.
كيف تبنى العائلة؟
وقوام العائلة الذكورة والأنوثة ( الرجل والمرأة ) ( الزوج والزوجة ) وقد أقرت الديانات السماوية مسئولية الرجل والمرأة في الرعاية والتربية كما أن لكل من الزوجين حقوقا تجاه الأخر، وفى نفس الوقت عليه واجبات تتناسب مع هذه الحقوق ولكل من الوالدين دوره المهم في تربية ورعاية الطفل.
العائلة والتربية
العائلة هي الوعاء التربوي الذي تتشكل داخله شخصية الطفل تشكيلا فرديا واجتماعيا وهى بهذا تمارس عمليات تربوية هادفة لتحقيق نمو الفرد والمجتمع، كما إن العائلة هي مفتاح التراث الثقافي من جيل إلى جيل وهى العالم الأول لإعداد وتعليم الطفل الصغير طرق الحياة الاجتماعية والثقافية من خلال عملية التنشئة الاجتماعية.
العائلة والمجتمع
إن المجتمع يحتاج إلى الوعي والمعرفة والتوجيه إلى وسائل التربية السليمة للأبناء، حيث أن معظم الآباء والأمهات لا يبذلون جهدا مقصودا في توجيه أطفالهم، مما يعطل إعدادهم إعدادا صالحا للحياة المستقبلية في المجتمع. فالمجتمع لكي يكون سليما ومتجانسا، يجب أن يقوم على صفات أساسية مثل التعاون وتبادل الثقة والاعتماد على النفس. فإذا لم تقوم العائلة بدورها في تدريب أبنائها على هذه الصفات عجز عن ممارستها في حياته الاجتماعية مما يؤدى إلى تفكك المجتمع وعدم وصوله إلى الرقى المطلوب .
العائلة والديموقراطية
إن الجو الديمقراطي إذا ما شاع بأرجاء العائلة منذ قيامها فان شخصيات أبنائها وبناتها تنمو في جو أقرب ما يكون من التلقائية والتفتح، وتتفق مكونات الشخصية بحيث يقوى ما بها من استعدادات كانت ستبقى كامنة لولا توافر الجو الديمقراطي.
سمات العائلة الديموقراطية
حرية التعبير
حرية النقد
احترام الحرية الشخصية للأفراد
تشجيع النمو الذاتي لكل فرد
ومن هنا تنمو بذور المجتمع الديمقراطي
العائلة والمواطنة
العائلة المتماسكة الحقيقية تشجع أبنائها منذ صغرهم على الاشتراك مع مواطنين مختلفين عنهم في الديانة، المذهب، العقيدة على مستوى الوطنية وخدمة البلاد وتأسيس دولة يسودها الوعي الوطني والإخاء بين المواطنين وتقديس المصلحة الوطنية؛ وجعلها فوق كل اعتبار .
أما الانعزالية والتقوقع والتعصب فهو دلالة على وجود روح الطائفية التي يلزم إبادتها في جو عائلي متماسك وعلى الوالدين أن يرشدا أبنائها إلى كيفية الحياة بصفاء روحي ونقاء اجتماعي خارجي وإيمان داخلي في القلب ووعى وطني مستندا إلى خدمة الوطن .
وأخيرا
العائلة هي أكثر المنظمات أو المؤسسات الاجتماعية التي يتعلم فيها الإنسان أدواره وعالمه الاجتماعي وهى المنظمة التي انبثقت منها المنظمات الأخرى وهى من أخطر المؤسسات الإنسانية على الإطلاق وبها تقاس نهضة الأمم وتقدمها.