القضيّة لا تتعلّق بالأنترنت في حدّ ذاتها بل بالإنسان الّذي يستعملها فالنّاظر إلى نوادي الأنترنت يلاحظ بوضوح توظيفها للألعاب أو لتحميل مقالات تعدّ في شكل ملفّ دراسيّ يقدّم إلى الأساتذة عند طلبه وقد يكون ذلك دون إلقاء نظرة واحدة حتّى على موضوعها بل إنّ البعض من أصحاب هذه النّوادي يحمّلون هذه المقالات ويدعونها لديهم جاهزة للنّسخ لعلمهم أنّ عددا من التّلاميذ سيقبلون عليهم ومن الأدلّة على ذلك أن نجد أحيانا كثيرة عملا واحدا متكرّرا يقدّمه التّلاميذ إلى أساتذتهم في القسم الواحد أو في الأقسام المتعدّدة في السّنة الدّراسيّة الواحدة أو حتّى في سنوات متعدّدة فمتى نفيق من أوهامنا وندرك أنّ الحداثة لا تسقط على الواقع ؟
أنجع سبيل لتطوير الواقع هي تلك الّتي تلائم واقعها المتعيّن و مختلف ظروفه لا تلك الّتي تستورد لتوّها من وراء البحار و لست أعني بذلك الانغلاق فالحكمة ضالّة المؤمن أنّى وجدها فهو أحقّ بها ولكن لابدّ من تبيّن مدى التّلاؤم بين معطيات نظريّة وافدة جاهزة و معطيات الواقع المعيش ولا بدّ كذلك من التّعامل مع تلك النّظريّات بعقل نقديّ لا بضرب من الانبهار كما يروّج لذلك بعض من يعتبرون أنفسهم دعاة حداثة وهم لايعدون أن يكونوا مجرّد ناسخين لنماذج جاهزة بل إنّهم عاجزون عن الخلق والابتكار ألا ترونهم استبدلوا المقدّس الدّينيّ المرفوض لديهم بمقدّس نسبيّ في حقيقة أمره لكنّهم جعلوه مطلقا وسمّوه علما ونسوا أنّ العلوم الإنسانيّة خاصّة لا تعدو أن تكون نظريّات لاتزال موضوع نقاش في كثير من الأحيان؟