مفهوم الصحة النفسية فى القران الكريم
مكونات الإنسان :
يتكون الإنسان كما أخبرنا القرآن الكريم من جسم وروح ولكل من الجسم والروح حاجات، ويشارك الإنسان الحيوان في حاجاته البدنية التي يتطلبها حفظ الذات وبقاء النوع، وما تثيره فيه من دوافع فسيولوجية مختلفة كالجوع والظمأ والدافع الجنسي إلى غير ذلك من الدوافع الفسيولرجية الأخرى،
غير إن الإنسان أيضا حاجاته الروحية التي تشمل في تشوقه الروحي إلى معرفة الله سبحانه وتعالى والإيمان به وعبادته . وهذه الحاجة فطرية فيالإنسان، فالإنسان يشعر في أعماق نفسه بدافع يدفعه إلى البحث والتفكير في خالقهوخالق الكون، وإلى عبادته والالتجاء إليه، وطلب العون منه.
ولير بعض آيات القرآنا لكريم إلى أن دافع التدين فطري في الإنسان. قال تعالى فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التى فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون ففي هذه الآية الكريمة إشارة واضحة إلى أن في فطرة الإنسان استعداد اً لمعرفة الله سبحانه وتعالى وتوحيده وعبادته
شخصية الإنسان :
يتضمن الإنسان في شخصيته صفات تتمثل في حاجاته البدنية التي يتوقف على إشباعها حفظ ذاته وبقاء نوعه، كما يتضمن في شخصيته أيضاً صفات تتمثل في تشوقه الروحي إلى معرفة الله تعالى والإيمان به وعبادته. وقد يحدث بين هذين الجانبين من شخصية الإنسان صراع، فتجذبه أحياناً،حاجاته البدنية ومطالب الحياة الدنيوية الأخرى، وتجذبه أحياناً حاجاته
وأشواقه الروحية ومطالب الاستعداد للحياة الأخرى الباقية. ويثير القرآن الكريم إلى هذا الصراع النفسي بين الجانبين المادي والروحي في الإنسان، وذلك في قوله تعالى فأما من طغى واثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى إن إغفال المطالب الروحيةللإنسان، يجعل حياة الإنسان خالية من المعاني السامية التي تجعل للحياة قيمة،وتفقده شعوره برسالته الكبرى في الحياة كخليفة لله تعالى في الأرض، فتضيع منه الرؤية الواضحة لأهدافه الكبرى في الحياة وهي عبادة الله . والتقرب إليه، ومجاهدة النفس في سبيل بلوغ الكمال الإنساني. ويتملك الإنسان في هذه الحالة الشعور بالضياع ويصبح فريسة للقلق. وقد صور القرآن الكريم حالة الصراع والقلق التي تنتاب الإنسان الذي يفقد إيمانه بالله سبحانه و تعالى بالحالة التي يشعر بها الإنسان الذي يخر من السماء فتتخطفه الطير أو تهوى به الريح في مكان سحيق
" ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوى به الريح في مكان سحيق
الشخصية السوية :
فمن استطاع أن يوفق بين الجانبين المادي والروحي في شخصيته، وأن يحقق بينهما أكبر قدر مستطاع من التوازن، فقد نجح في هذا الاختبار، واستحق) ن يثاب على ذلك بالسعادة في الدنيا والآخرة وأما من انساق وراءشهواته البدنية وأغفل مطالبه الروحية، فقد فشل في هذا الاختبار، واستحق أن يجازى على ذلك بالشقاء في ا لدنيا والآخرة: ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكأ ونحشره يوم القيامة أعمى ".
وحينما يتحقق التوازن بين البدن والروح تتحقق ذاتية الإنسان في صورتها الكاملة السوية، والتي تمثلت في شخصية النبي صلوات الله عليه وسلامه-. إن الشخصية السوية في الإسلام إذن، هي الشخصية التي يتوازن فيها البدن والروح ، وتشبع فيها حاجات كل منهما. إن الشخصية السوية هي التي تعني بالبدن وصحته وقوته، وتشبع حاجاته في الحدود التي رسمها الشرع، والتي تتمسك في نفس الوقت بالإيمان بالله، وتؤدي العبادات، وتقوم بكل ما يرضي الله تعالى، وتتجنب كل ما يغضبه. فالشخص الذي ينساق وراء أهوائه وشهواته شخص غير سوي.وكذلك فإن الشخص الذي يكبت حاجاته البدنية، ويقهر جسمه ويضعفه
بالرهبانية المفرطة والتقشف الشديد، وينزع إلى إشباع حاجاته وأشواقه الروحية فقط،
هو أيضا شخص غير سوي وذلك لأن كلا من هذين الاتجاهين المتطرفين يخالف الطبيعة
الإنسانية، ويعارض فطرتها. وحينما يتحقق التوازن بين الجانبين المادي والروحي في الإنسان تتحقق ذاتية الإنسان في صورنها الكاملة السوية، والتي ينعم فيها الإنسان بكل من الصحة البدنية والنفسية، ويشعر فيها الإنسان بالأمن النفسي والطمأنينة والسعادة.والتوازن وشخصية الإنسان بين البدن والروح ليس إلا مثالا للتوازن الموجود في الكون بأكمله. فقد خلق الله
منهج الإسلام في تحقيق الصحة النفسية
يتبع الإسلام في تربيته للإنسان منهجا تربويا هادفاً يحقق التوازن بين الجانبين الروحي
والمادي في شخصية الإنسان، مما يؤدي ، الى تكوين الشخصية السوية التي تتمتع بالصحة
النفسية
الأسلوب الأو ل هو تقوية الجانب الروحي في الإنسان عن طريق الإيمان بالله وتقواه، وأداء العبادات المختلفة .
والأسلوب الثاني هوالسيطرة على الجانب البدني في الإنسان كما يتمثل ذلك في توجيهات الإسلام الخاصة
بالسيطرة على الدوافع والانفعالات والتحكم في أهواء النفس.
اولا- أسلوب تقوية الجانب الروحي في الإنسان
الايمان
العبادات
حب الناس والإحسان إليهم،
التعاون والتكافل ا لاجتماعي
ثانيأ- أسلوب :سيطرة على الجانب البدني في الإنسان:
ا- السيطرة على الدوافع:
يدعو الإسلام إلى السيطرة على الدوافع والتحكم فيها. ولا يدعو الإسلام إلى كبت الدوافع الفطرية،.
التنظيم الأول هو إشباعها
عن الطريق الحلال المسموح به شرعاً ومن أمثلة هذأ التنظيم إباحة إشباع الدافع
الجنسي عن طريق الزواج فقط، وتحريم الزنا.
{وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ } (33) سورة النــور
وفي الحديث الشريف:
"يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج. ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء " رواه الشيخان.
والتنظيم الثاني هو عدم الإسراف في إشباعها لما في ذلك من إضرار بالصحة البدنية والنفسية. قال تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (31) سورة الأعراف
السيطرة على الانفعالات:
ويدعو القرآن الكريم الناس إلى السيطرة على انفعالاتهم والتحكم فيها..
الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين"
{وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ } (43) سورة الشورى
{ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} (85) سورة الحجر
منقول بتصرف عن
منتدى تفكير
فشكرا له