خلاف بين الصحابة، سببه أن القضايا كانت مشتبهة، فلشدة اشتباهها اختلف اجتهادهم وصاروا ثلاثة أقسام:
وجهة نظر معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ومن معه (أهل الشام).
قـُتِل صاحب رسول الله، أحد العشرة المبشرين بالجنة، ذو النورين، خليفة المسلمين، في الشهر الحرام، وأرسلت أم المؤمنين أم حبيبة إلى أخيها معاوية قميص عثمان ملطخًا بالدماء، ومعه أصابع زوجته نائلة اللي قطعت أثناء قتله، كل ذلك وأكثر من ذلك أجج مشاعر المسلمين، حتى قال رسول معاوية لعلي (رضي الله عنهما): (تركت ستين ألف شيخ يبكون تحت قميص عثمان وهو على منبر دمشق)
* حكم القصاص مقدم على حكم البيعة (حسب اجتهاده)، بمعنى أنه لن يبايع الخليفة حتى يُسلّمه القتلة الذين قتلوا عثمان رضي الله عنه، فحتى يُسلمه إياهم فقط: هو متوقف عن البيعة
* قال معاوية أنه لن يبايع من يؤوي القتلة، فقتلة عثمان مندسين في عسكر علي، لذا خشي معاوية إن بايع عليا أن تسنح الفرصة للقتلة أن يظلموهم ويعتدوا عليهم ويضيع دم عثمان
* يجب أن يحرص معاوية على القصاص لأنه ولي الدم (نظرا لقرابته من عثمان) تطبيقا لقول الله تعالى: {وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا} [الإسراء 33]
* لم يكن معاوية حريصًا على الخلافة أبدًا، ولم يطلبها أصلاً، بل كان يعلم أن الخلافة في كبار الصحابة، خاصة في بقية الستة من أهل الشورى، كما أنه قال عن علي: (إني لأعلم أنه أفضل مني وأحق بالأمر)
وجهة نظر عائشة أم المؤمنين والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله (رضي الله عنهم) ومن معهم
* كان لهم نفس رأي معاوية رضي الله عنه في البداية
* ورأوا أن القصاص فيه عزة للإسلام
* إلا أنهم قبلوا مبايعة علي رضي الله عنه
* خرجوا إلى البصرة مطالبين بدم عثمان وبالإصلاح بين المسلمين، لكنهم لم يريدوا الحرب أبدا، بل ولم يدُر في ذهن أحدهم حدوث أي قتال!
* استطاع القعقاع بن عمرو التميمي أن يقنعهم بوجهة نظر علي، فوافقوه واتفقوا على رأيه، لكن المتمردين أبوا إلا الفتنة كما سيأتي ذكره إن شاء الله
وجهة نظر علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومن معه
* تبرأ علي من دم عثمان ولعن قتلته
* رأى أنه يجب التريث وعدم التعجل في القصاص حتى تستقر الأوضاع ويتملك زمام الأمور، حيث أن قتلة عثمان ومن عاونهم كانوا كثيرين، ولهم قبائل تحميهم وتثور حميتها لأجلهم، والفتنة مازالت قائمة
* رأى أن يعزل بعض الولاة (ومنهم معاوية) ويولي آخرين حتى يهدئ من ثورة المتمردين
* لم يكفر معاوية ومن معه أبدا، بل كان ينهى الناس حتى عن شتمهم، وحتى بعد معركة صفين كان يمر على قتلى الطرفين ويقول: (هؤلاء في الجنة وهؤلاء في الجنة)
* عليّ هو الإمام ومن رفض مبايعته فهو باغٍ وجب قتاله حتى ينقاد إلى الحق ويبايع الخليفة
وجهة نظر معتزلي الفتنة
* التبس عليهم الأمر ولم يتضح الحق، هل الحق في وجوب الإسراع بالقصاص ودعم أهل الشام في مطالبتهم بذلك؟ أم في التسكين والتريث؟
* رأوا عدم الدخول في الفتنة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنها ستكون فتن، ألا ثم تكون فتنة، القاعد فيها خير من الماشي فيها، والماشي فيها خير من الساعي إليها، ألا فإذا نزلت أو وقعت، فمن كان له إبل فليلحق بإبله، ومن كانت له غنم فليلحق بغنمه، ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه)، فقال رجل: يا رسول الله أرأيت من لم يكن له إبل ولا غنم ولا أرض؟ قال: (يعمد إلى سيفه فيدق على حده بحجر، ثم لينج إن استطاع النجاء، اللهم هل بلغت، اللهم هل بلغت، اللهم هل بلغت) [رواه مسلم]
* رأوا أن قتال الفئة الباغية فرض كفاية وليس فرض عين
* رأوا أن الحل قد لا يكون في القتال، بل في الصلح
* كان منهم كبار الصحابة مثل: سعد بن أبي وقاص، أبو موسى الأشعري (شارك في التحكيم)، عبد الله بن عمر، عبد الله بن عمرو (اضطر للخروج طاعة لأبيه عمرو بن العاص، لكنه اعتزل القتال)، أبو هريرة، أبو أيوب الأنصاري، صهيب الرومي، محمد بن مسلمة، سلمة بن الأكوع، عبد الله بن سعد بن أبي السرح
لمزيد التوسع اضغط هنا
الفتنة انتهت ولازال العداء بين الشيعة وأهل السنة فلم ؟