كمال بوهلال عضو متميز جدا
المهنة : أستاذ تاريخ الاشتراك : 30/03/2009 المساهمات : 2176
| موضوع: الإبداع و القيم 2010-02-26, 23:07 | |
| الإبداع و القيم تعريف الإبداع:
الإبداع نمط من أنماط التفكير و مستوى متقدم في سلم القدرات الذهنية للإنسان، حيث يتميز به أولا عن غيره من الكائنات الحية، و يختص به ذووا المواهب و الذكاء العالي. و الإبداع من الناحية العملية يُعرف بأنه العملية التي تؤدي إلى ابتكار أفكار جديدة و أساليب متجددة و وسائل تقنية مستحدثة و تطبيقات في شتى مجالات الحياة غير مألوفة .. ابتكارات يشترط فيها نقله نوعية أحسن وأفضل مما هو كائن من أجل إسعاد الإنسان و تيسير سبل الحياة أمامه. الإبداع عطاء جديد نافع في ميدان إنساني ما، فهذا العطاء و ذلك الثراء للحياة الإنسانية فضاؤه الحرية، الإبداع الحر لا ينبع إلا من الذات الحرة، من النفس التواقة، المغرمة بالكشف عن المجهول و تجاوز المعلوم. الإبداع فكر خلاق، ، صيرورة متجددة، عملية تجاوز عملية بناء جديدة ومتجددة، قد تكون خطوته الأولى الهدم لإنشاء الجديد محل ما هدم و يهدم، و قد يكون إنشاء جديداً … ديدن الإبداع التطوير.. التحسين.. تيسير الحياة الإنسانية. ..
الإبداع في علاقته بالعقيدة:
قال الله تعالى: ) بَديعُ السَّماوَاتِ وَالْأَرْضِ إذَا قَضَى أمْراً فَإِنَّمَا يَقُـولُ لَهُ كُـنْ فَـيَكُونُ( سورة البقرة الآية 117 " و في المنظور الإسلامي فالفكر يعني حركة العقل الواعية، العقل الذي يتأمل، ينظر، يتدبر. والقرآن الكريم باعتباره نصا مفتوحا ثريا متجدد العطاء، و الآيات التي تدعو إلى التدبر.. إلى النظر ومخاطبة ذوي العقول.. ذوي الألباب، و التفكر و استعمال الفكر و تدبر الكون تدبرا دقيقا من سماواته و أراضيه و من كواكبه إلى نجومه و من حيواناته إلى سائر المخلوقات القائمين عليه ، و على الإنسان بعد التدبر أن يسجل النتائج و يقدمها فيهمل ما يضر و يحتفظ لنفسـه و مـن بعـده بالنافع " الابداع خلاصة فكر لا تنتهي عجائبه .الدكتور محمود عكام حثنا الإسلام منذ البداية على إعمال عقولنا في التفكير بالظواهر الكونية حولنا للوصول منها إلى الإيمان الصحيح بالاستناد على الأدلة العقلية، و لا يحجر على العقل و هو أداة التفكير و لا يحدده ولا يضيق عليه: " بل يطالبه بالتحرك و التجوال الهادف في هذا الكون، ليكتشف أسراره، و يطلع على قوانينه ويستكنه علاقاته و معادلاته و يسخر ذلك كله من أجل تعميق العبودية للخالق الحق و لخدمة الإنسان بتجلييْه المادي و المعنوي، و لقد كرر الإسلام في كتابه الدعوة إلى النظر و التفكّر كثيرا وهذه الدعوة و ذاك الطلب يصب في مصب ـ الإبداع ـ فعلى الجميع أن ينظر و لكل مجاله وميدانه من أجل النظر و على الجميع أن يعرفوا إذ يدعون إلى النظر فمن أجل ـ الإبداع ـ والتجديد موقف إسلامي مطلوب، و قد تكفل الله ببعث مجدد على رأس كل مائة سنة كما جاء في الحديث الصحيح ". إن المبدع ، ديدنه دوما و عبر كل المراحل التاريخية في كل بقاع المعمورة، التحرر من القيود و الانطلاق في الفضاءات الكونية الفسيحة،مغردا لإسعاد البشرية أولا و ملبيا نداء داخليا و مفجرا طاقات متميزة و هبه الله إياها وخصه بها، محققا للبشرية بعضا من سعادتها … المبدع هذا الإنسان المنفرد.. نفسه تواقة إلى الانفلات مما ألفته و تألفه الأنساق القائمة في المجتمع و خضع لها الناس راضين.. روحه تسبح في عوالم أخرى غير عوالم غيره، تتعارض مع النمطية السائدة، مع الخضوع و الإخضاع ترفض قبول ما هو كائن والإبقاء عليه. قيمة الإبداع وتنوّع مجالاته: لما نتحدث عن الإبداع، و عن هذا الفعل المتميز الصادر عن الموهوبين فليس القصد الحديث عن الإبداع في الفكر أو الأدب أو الفنون الجميلة بما في ذلك الإبداع في الموسيقى فحسب، بل قصدنا كل ما يبدعه الإنسان في شتى مناحي الإنجازات الإنسانية من علوم و تكنولوجيا و صناعات و حرف مختلفة و فنون و صناعات تقليدية و أعمال تجارية و زراعية و بنى تحتية، أي كل ما يهم الإنسان ويلبي له طلباته المعنوية و المادية. و يقوم الوعي بدور خلاق في تقديم مقاصد المبدع، و فكرة الوعي و فكرة المصير تجعلان المبدع يتجاوز ذاته الضيقة ليعبر عن مجتمعه، و يستشرف صورا جديدة في التفكير و السلوك و الحياة، فالمبدع الذي يجهل تاريخ أمته و حاضرها و مستقبلها و طموحاتها، لا يتكون لديه وعي بمصيرها، و كذلك الفنان الذي يجهل تاريخ الفن و مدارسه و حاضر فن بلده و ما يحمله من موروث و قيم، لا يقدر على إثراء فنه بل حتى من الإفادة مما قدمه غيره، و نفس الكلام ينطبق على كل مجالات النشاطات الإنسانية، فالذي يجهل قوانين المادة التي يستخدمها في الإبداع لا يستطيع أن يتمكن من الإبداع. المهندس المعماري، على سبيل المثال الذي بفعل دراسته للنموذج المعماري الغربي وانبهاره به، لا يتمكن من ممارسة الإبداع في إطار النموذج المعماري الإسلامي الذي يتماشى مع نفسية الأسرة العربية المسلمة، و القيم التي تربط بين أفرادها .. إن الإبداع موهبة و عبقرية و ذكاء ، هي عناصر متلازمة. الإبداع مطلب حضاري جوهري لجميع الأمم باعتبار أن الفرد المبدع لا يبدع لذاته حتى و إن سعى هو ذلك مؤمنا بأنه يملك شحنات إبداعية و رؤى تجاه الكون و الحياة يحرص على إخراجها بغض النظر عما إذا كان غيره يراها أولا يراها … الإبداع دليل على التقدم الحضاري، و هو الدافع و المحفز لأي تقدم علمي أو فكري أو تقني أو صناعي أو تربوي أو اجتماعي أو زراعي. والمبدعون هم ثروة الأمة التي لا يمكن الاستغناء عنها لدى الأمم الواعية، و هم الشموس التي تضيء غياهب التخلف، وعقولهم تكتسح حواجز التقليد، و نفوسهم التواقة تخترق المألوف، تبحر صوب المستقبل. و من ثمة فبقدر ما تنجح أمة في الكشف عن الطاقات الإبداعية لأبنائها و الإفادة منها، تكون أمة متقدمة و متطورة حضاريا. الإبداع يشير إلى القدرات المميزة للأشخاص الموهوبين، و القدرة على إظهار السلوك الإبداعي إلى درجة ملحوظة، و يشمل السلوك الإبداعي فيما يشمل الاختراعات و التصاميم و الاستنباط، و التأليف الفكري و الأدبي و الفنون التشكيلية و التأليف الموسيقي والإنشاءات الهندسية و العمرانية و الابتكار والتجديد و التطوير في شتى مناحي الحياة و مجالاتها الإنسانية. إن الأشخاص الذين يظهرون مثل هذه الأنواع من السلوكات هم الذين يوصفون بالمبدعين. الإبداع هو النظر للمألوف يعين ناقدة وبطريقة غير عادية قد لا تتراءى لغير المبدع، و من زاوية غير مألوفة، ثم تطوير هذا النظر ليتحول إلى فكرة، ثم إلى تصميم، ثم إنشاء إبداعي قابل للتطبيق و الاستعمال. وإن من أهم خصائص التفكير الإبداعي، ، الحرص على الجديد من الأفكار و الآراء و المفاهيم و التجارب و الوسائل، و البحث عن البدائل لكل أمر و الاستعداد لممارسة الجديد منها
- إن الإبداع يأتي ضمن مراحل متصلة و هذه المراحل هي: مرحلة البحث والتهيؤ والإحساس بالمشكلة و تعريفها، ثم استقرارها في الشعور و اللاشعور بحيث تصبح محور التفكير و الشغل الشاغل، و حينئذ يمكن توظيف المستجدات والمتغيرات والقرارات لخدمة الفكرة أو الموضوع، وتسمى هذه المرحلة مرحلة "التخمير"، و من ثم تأتي مرحلة الإلهام والتوصل إلى الحلول المبلورة، وأخيراً مرحلة التطبيق أو التحقيق وهي عملية إخراج الفكرة إلى حيز الوجود عملياً. ـ تجربة الخليل بن أحمد عندما هاجمه أحد الفرس و اتهم العرب بأنه لا يوجد عندهم قواعد للشعر، فجلس مستاءً أشهراً، و كان يجلس بجوار قطان يطرق القطن لتهيئته لاستخدامات أخرى، ومن كثرة التفكير انسجم مع إيقاعات الطرق ووصل إلى بحور الشعر المختلفة فقعّد له ووصل إلى بغيته.
منقول عن منتدى تفكير فشكرا لصاحبه | |
|