العمل الثاني :
الجبرية والقدر
:التخطيط
1) تعريف الجبروالقدر
*تعريف الجبر
*تعريف القدر
2)تعريف الجبرية
3)موقف الجبرية
العمل من انجاز :
اميمة شبيل
شيماء بوهلال
نهال الشطي
4اداب2
الجبرية والقدر
1) تعريف الجبروالقدر
*تعريف الجبر
الجبر لغة :الاكراه والارغام والقهر
الجبراصطلاحا :هواكراه وارغام من قبل الله تعالى لعباده على فعل الاشياء حسنة كانت او قبيحة من
دون أي ارادة للرفض من قبل العباد.والجبرهو نفي الفعل حقيقة عن العبد وإضافته إلى الرب تعالى .
*تعريف القدر
القَدَر: تقدير الله تعالى لكل ما يقع في الكون ، حسبما سبق به علمه ، واقتضته حكمته.
والإيمان بالقدر يتضمن أربعة أمور :
الأول : الإيمان بأن الله تعالى علم بكل شيء جملةً وتفصيلاً ، أزلاً وأبداً ، سواء كان مما يتعلق بأفعاله سبحانه أو بأفعال عباده .
الثاني : الإيمان بأن الله تعالى كتب ذلك في اللوح المحفوظ .
وفي هذين الأمرين يقول الله تعالى : ( أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) الحج /70 .
وفي صحيح مسلم (2653) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول : ( كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الْخَلائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ )
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ فَقَالَ لَهُ : اكْتُبْ . قَالَ : رَبِّ ،
وَمَاذَا أَكْتُبُ ؟ قَالَ : اكْتُبْ مَقَادِيرَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ ) رواه أبو داود (4700) . وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
الثالث : الإيمان بأن جميع الكائنات لا تكون إلا بمشيئة الله تعالى .
سواء كانت مما يتعلق بفعله سبحانه وتعالى ، أم مما يتعلق بفعل المخلوقين .
قـال الله تعالى فيما يتعلق بفعله : (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ) القصص /68 .
وقـال : ( وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ) ابراهيم /27 . وقال : ( هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ ) آل عمران /6 .
وقال تعالى فيما يتعلق بفعل المخلوقين : ( وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ ) النساء /90 . وقال : ( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ) الأنعام /112 .
فجميع الحوادث والأفعال والكائنات لا تقع إلا بمشيئة الله تعالى ، فما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن .
الرابع : الإيمان بأن جميع الكائنات مخلوقة لله تعالى بذواتها ، وصفاتها ، وحركاتها .
قـال الله تعالى : ( اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ) الزمر /62 .
وقال : ( وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً ) الفرقان /2 . وقال عن نبي الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام أنه قال لقومه : ( وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ) الصافات /96.
فإذا آمن الإنسان بهذه الأمور فقد آمن بالقدر إيماناً صحيحاً .
والإيمان بالقدر على ما وصفنا لا ينافي أن يكون للعبد مشيئة في أفعاله الاختيارية
وقدرة عليها ، بحيث يستطيع الاختيار هل يفعل أو يترك ما يكون ممكناً له من فعل الطاعات أو تركها ، وفعل المعاصي أو تركها والشرع والواقع دالان على إثبات هذه المشيئة للعبد .
أمـا الشرع : فقد قـال الله تعالى في المشيئة : ( ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآباً ) النبأ /39 .
وقال : ( فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) البقرة /223 .
وقال في القدرة : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن /16 . وقال : ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ) البقرة /286 .
فهذه الآيات تثبت للإنسان مشيئة وقدرة بهما يفعل ما يشاء أو يتركه .
وأما الواقع : فإن كل إنسان يعلم أن له مشيئة وقدرة بهما يفعل وبهما يترك ،
ويفرق بين ما يقع بإرادته كالمشي ، وما يقع بغير إرادته كالارتعاش ، لكن مشيئة العبد وقدرته
واقعتان بمشيئة الله تعالى وقدرته ، لقول الله تعالى : ( لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ - وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) التكوير /28-29.
ولأن الكون كله ملك لله تعالى فلا يكون في ملكه شيء بدون علمه ومشيئته .
والله تعالى أعلم
2)تعريف الجبرية
ترجع كلمة «الجبرية» في أصلها الاشتقاقي إلى مادة «جبر» والجبر
هو الإكراه والقهر على الفعل بغير إرادة الفاعل ولا اختيار منه. ويجمع مؤرخو الفكر الإسلامي
على أن مصطلح «الجبرية» يرجع إلى أواخر عصر بني أمية عندما أ
طلق لأول مرة على الجهم بن صفوان القائل بالجبر المطلق، ثم استعمل لقباً لأتباع الجهم من بعده.
ولم يكن اللفظ معروفاً في عصر الخلافة الراشدة، وإنما كان مصطلح «القدرية»
هو المستعمل بين جيل الصحابة والتابعين. وكان ممن تكلم في القدر من أولئك
وهؤلاء علّي بن أبي طالب وعمرو بن العاص وأبو موسى الأشعري وعبد الله بن عمر ثم الحسن البصري بعدهم.
والجبرية منسوبة إلى الجبر، وهو نفي الفعل حقيقة عن العبد وإضافته إلى الرب تعالى.
وهو لفظ لم يرد به نص في الكتاب أو السنة. ولذلك كان سلف الأمة يتحرجون من استعماله نفياً وإثباتاً لأنه لفظ مجمل مبهم. غير أن لفظ «جبل» ورد في السنّة. ففي الحديث أن الرسول r قال لأشجّ عبد القيس لما وفد مع وفد نجران: «يا أشجّ إن فيك لخلقين يحبهما الله ورسوله الحلم والأناة». فقال الأشجّ: أخلقين تخلقت بهما أم خلقين جبلت عليهما؟ قال الرسولr «بل خلقين جبلت عليهما» فقال الأشجّ الحمد لله الذي جبلني على ما يحبّ. وقال الأوزاعي والزبيدي وغيرهما بورود لفظ الجبل في السنة وبعدم ورود لفظ الجبر فيها. ولذلك أنكر السّلف استعمال لفظ الجبر ووضعوا مؤلفات كثيرة في الرد على الجهمية والقدرية وإبطال آرائهما منها: تصانيف عثمان بن سعيد الدارمي والبخاري وابن حنبل وابن بطّة العكبري وغيرها.
ويحتج الجبرية على مذهبهم بآيات كثيرة من القرآن الكريم جمعها المختار الرازي في كتابه «حجج القرآن» وبيّن منها جميع حجج الجبرية المستندة إليها في عموم الإرادة الإلهية والمشيئة والهداية والضّلال والإغواء وتقليب القلوب والكتابة والإذن والخلق العام والقدر وأن الكلّ من الله. ثم أردفها بالأحاديث الواردة في عموم المشيئة وأنّ «الكلّ: ما كان وما يكون» قد سبق به القضاء أزلاً وكتب في اللوح المحفوظ.
أما آيات الإرادة }ومن يُرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئاً{ (المائدة41).
و}يريد الله ألا يجعل لهم حظاً في الآخرة{ (آل عمران176) و}فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام{ (الأنعام125) و}إذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها{ (16الإسراء)
وأما آيات المشيئة فمنها: }ولو شاء الله لجعلكم أمةً واحدةً ولكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء{ (النحل93). و}وإن الله لا يهدي القوم الظالمين{ (الأحقاف10).
ومن آيات الضّلال: قوله تعالى }فريقاً هدى وفريقاً حقّ عليهم الضّلالة{ (الأعراف30) و}ومنهم من حقت عليه الضّلالة{ (النحل36).
ومن آيات الكتابة قوله تعالى }وكل شيء أحصيناه في إمام مبين{ (يس12). }قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا{ (التوبة51) .
ومن آيات القدر }وكان أمر الله قدراً مقدوراً{ (الأحزاب38). }إنا كل شيء خلقناه بقدر{ (القمر49). }وخلق كل شيء فقدره تقديراً{ (الفرقان12). }ليس لك من الأمر شيء{ (آل عمران128). }ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين{ (الزّمر71).
ومن الأحاديث: قوله عليه الصلاة والسلام «كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة» قال الرازي حديث صحيح. «ما من نفس إلا وقد كتب مقعدها من الجنة ومقعدها من النار» قالوا يا رسول الله ما العمل؟ أندع العمل إذاً. قال «لا اعملوا فكلّ ميسر لما خلق له فمن كان من أهل الجنة يسر لعمل أهل الجنّة ومن كان من أهل النار يسر لعمل أهل النار».
ويرى علماء الكلام أن الجبرية تختلف فيما بينها: بين القول بالجبر المطلق، وبين القول بقدرة العبد على الفعل لكنها قدرة غير مؤثرة في الفعل، وبين القول بالكسب.
ولذلك جعل الإمام ابن حزم (ت456هـ) والشهرستاني (ت548هـ) وغيرهم من رجالات الأشاعرة الجبرية أصنافاً ثلاثة:
أولاً- الجبريّة الخالصة: وهي التي لا تثبت للعبد فعلاً ولا قدرة على الفعل أصلاً. ويبدأ تاريخ أنصارها من الجهم بن صفوان وأبي محرز السمرقندي مولى بني راسب (ت128هـ). وكان الجهم ذا أدب ونظر وفكر وجدال، تتلمذ على الجعد بن درهم (ت 124هـ) أول من دعا إلى القول بالجبر من المسلمين. وقد انتشرت مقالة الجعد بالجبر في العهد الأموي. وقيل إن خلفاء بني أمية كانوا يستغلّون فكرة الجبر لبسط إرادتهم على الناس، ويقولون لهم لو أراد الله تغيير ما أنتم عليه لغيره، لكنها مشيئة الله فيكم. وظل الجعد مقيماً في دمشق إلى أن ابتدع القول بخلق القرآن وتعطيل الله عن صفاته، وكان غير مسبوق بهذه المقالة، فتطلبه بنو أمية فهرب وسكن الكوفة حتى قبض عليه والي العراقين لبني أميّة خالد بن عبد الله القسري، فقتله على الزندقة والإلحاد. وفي أثناء سكن الجعد الكوفة لقيه الجهم بن صفوان وتقلد عنه القول بالجبر. ومع الأيام صار مصطلح الجبرية أشبه بالعلم على الجهم وأتباعه، واختلط على كثير من الدارسين لقب الجهمية ولقب الجبرية، وغدا أحدهما حيث أطلق يدل على المعنى نفسه الذي يدلّ عليه الآخر خاصة فيما يتعلق بمسألة أفعال العباد والقول بالقدر.
وثمة قول يفيد أن مقالة الجبر ظهرت لما أظهر المعتزلة مقالتهم في نفي القدر وأن الإنسان يخلق أفعاله مستقلاً بقدرته الحادثة عن قدرة الربّ سبحانه، وأنه يستطيع بقدرته أن يفعل الشيء وضدّه بحريته وإرادته المطلقة. فظهرت مقالة الجهم بالجبر المطلق في مقابل قول المعتزلة بالحرية المطلقة.
وكان الجهم كاتباً للحارث بن سريج التميمي في خراسان، حمل السلاح وقاتل السلطان وخرج مع الحارث بن سريج على الوالي الأموي نصر بن سيّار في آخر زمان بني مروان وقتله سلم بن أحوز المازني عامل نصر على الشرطة بمرو بسبب خروجه. وكان أوّل ظهور نحلته في ترمذ ثم نهوند ثم تحوّل قوم من أتباعه إلى مذهب الأشاعرة بعد مدّة.
كان الجهم وأنصاره يقولون: إنه لا يجوز أن يوصف الباري تعالى بصفة يوصف بها خلقه لأن ذلك يقضي تشبيهاً. فنفوا كونه حياً عالماً، وأثبتوا كونه: قادراً فاعلاً خالقاً لأنه لا يوصف شيء من خلقه بالقدرة والفعل والخلق. وهم قد وافقوا المعتزلة في نفي الصّفات الأزلية وزادوا عليهم أشياء فهم يؤولون الصفات ويجنحون إلى التنزيه البحت.
ويقولون إن الإنسان لا يقدر على شيء، ولا يوصف بالاستطاعة، وإنما هو مجبور في أفعاله لا قدرة له ولا إرادة ولا اختيار، ويخلق الله تعالى الأفعال فيه على حسب ما يخلق في سائر الجمادات. وتنسب إليه الأفعال مجازاً كما تنسب إلى الجمادات كما يقال: أثمرت الشّجرة، وجرى الماء، وتحرّك الحجر، وطلعت الشمس، وغربت، وتغيمت السماء، وأمطرت واهتزّت الأرض، وأنبتت. فالفعل في حقيقته ليس مخلوقاً بقدرته، وإنما هو مخلوق بقدرة الله القديمة. فالقضاء الإلهي قد سبق بكل أفعال الإنسان، الخيّر منها والشرير، الحسن والقبيح، ولا اختيار لما سبق به القضاء والإنسان مسخَّر لتنفيذ القضاء الإلهي السابق في أفعاله. ويقولون إن الثواب والعقاب جبر كما أن الأفعال كلّها جبر. وإذا ثبت الجبر فالتكليف أيضاً جبر.
وتعتقد الجهمية بالمشيئة الإلهية المطلقة والقدرة الإلهية المطلقة العارية عن الحكمة، وأن التوحيد الخالص لا يكون إلاّ بالإيمان بمطلق المشيئة الإلهية ونفي إرادة العبد واختياره.
وتعتقد أن حركات أهل الخُلْدين تنقطع، وأن الجنة والنّار تفنيان بعد دخول أهلهما فيهما وتلذّذ أهل الجنة بنعيمها، وتألم أهل النار بجحيمها. وحملت قوله تعالى «خالدين فيها» على المبالغة والتأكيد دون الحقيقة في التخليد، فيكون معنى التخليد في الآية طول المكث وبعد الفناء لا مطلق البقاء لأن السّرمديّة لله وحده. وتقول الجهمية إن من أتى بالمعرفة ثم جحد بلسانه لم يكفر بجحده، لأن العلم والمعرفة لا يزولان بالجحد، فهو مؤمن والإيمان هو المعرفة والكفر هو الجهل، والإيمان لا يتبعّض أي لا ينقسم إلى عقد وقول وعمل ولا يتفاضل أهله فيه أنبياءً كانوا أم عامة، ويكون في القلب. وهكذا فالجهمية توافق المرجئة في هذا، وتوافق المعتزلة في نفي الصفات وخلق القرآن، فكلام الله حادث وليس بقديم، لأن الكلام من صفات الإنسان المخلوق ولا يمكن أن يكون الله متكلماً لأن من اتّصف بصفة الكلام وجب أن تكون له آلة الكلام فيكون مشابهاً للحوادث ومحال على الله تعالى مشابهة الحوادث لأنه قديم أزليّ، ولو كان القرآن قديماً لكان شريكاً لله في القدم، ولذلك فهو مخلوق محدث.
وكتب المقالات تورد مقالات الجبرية المجمع عليها كما يلي:
1-الإيمان بالقضاء السابق وهو يحمل معنى جبر الإنسان على الفعل بالقدرة القديمة وأن قدرة الإنسان الحادثة لا أثر لها في فعله.
2- القول بنفي الأسباب والعلل الطبيعية والحكمة في الأفعال الإلهية. فالله تعالى لم يفعل شيئاً لشيء ولم يفعل شيئاً بشيء، لأن الفعل لعلة دليل نقص وحاش لله أن يكون كذلك، وهو لا يسأل عن علّة أفعاله ولا عن حكمة أفعاله.
3- ولهذا نفت الجهمية أن يكون في القرآن «فاء السببية» أو «لام التعليل» وقال الجهميّون عنهما في الآية }ألم تر أن الله أنزل من السّماء ماءً فأخرجنا به ثمرات مختلفاً ألوانها{ (فاطر35) وفي الآية: }وما خلقت الجن والإنس إلاً ليعبدون{ (الذاريات 56). إنهما تفيدان المصاحبة والاقتران لا السببيّة والتعليل.
4- القول بتكليف ما لا يطاق، وأن الله تعالى قد يعذب المطيع ويثيب العاصي لأنه يفعل في ملكه ما يشاء.
5- القول إن الإرداة الإلهية والمشيئة الإلهية والمحبة الإلهية شيء واحد فكل ما يقع في الكون من أفعال العباد، الحسن والقبيح، الخيّر والشرير مراد ومحبوب لله لأنه بمشيئته.
6- الأفعال في ذاتها ليست قبيحة ولا حسنة، وإنما تحسن وتقبح بأمر الشرع بها أو نهيه عنها.
7- نفي الصّفات الإلهية وجعلها عين ذاته تعالى.
8- نفي أن يطلق على الله لفظ شيء.
ثانياً- الجبرية المتوسطة: وهي التي تثبت للعبد قدرة غير مؤثرة أصلاً. واستطاعة العبد لا تؤثر في الفعل أو الترك ولا تصلح لفعل الضدّين، وهي مناط التكليف بالأوامر الشرعية.
ثالثاً- جبرية الكسب: وأصحابها هم الذين يثبتون للقدرة الحادثة أثراً ما في الفعل، ويسمون ذلك «كسباً»، ومنهم الأشاعرة (أنصار مذهب أبي الحسن الأشعري) الذين يثبتون للعبد قدرة على الفعل ويسمونها كسباً، ويفضلون استعمال لفظ الكسب لأنه قرآني. فقد ذكر القرآن لفظ الكسب مقروناً بفعل العبد كما في الآية: }لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت{ (البقرة286) و}كل نفس بما كسبت رهينة{ (المدثر38)، }بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته{ (البقرة81). ويقولون إن الإنسان كاسب لأفعاله ولا يقولون خالق لها لأن الخلق صفة للربّ سبحانه فهو خالق كل شيء.
والكسب عند الأشاعرة هو مباشرة القدرة الحادثة لمقدورها، ويقولون إن الفعل الإنساني يقع عند مقاربة القدرة للفعل ولا يقع الفعل بها. والمعتزلة يعدون الأشاعرة من جملة الجبرية لأن قولهم بالكسب لا يجعل لقدرة الإنسان أثراً في الفعل، والفعل عندهم واقع بالقدرة الإلهية القديمة وهو قول يؤدي في النهاية إلى القول بالجبر. ولذلك كان يضرب المثل «بالكسب الأشعري» للقول الضعيف فيقال عنه إنه أوهى من كسب الأشعري.
وسلف السنّة يشاركون المعتزلة في تسمية الأشاعرة أحياناً بالجبرية وأحياناً أخرى بالجهمية لأخذهم بمقالة الجهم في الجبر ونفي الصفات الإلهية.
تعريف الجبرية من كتاب الملل و النحل :
والجبرية أصناف: فالجبرية الخالصة: هي التي لا تثبت للعبد فعلاً ولا قدرة على الفعل أصلاً والجبرية المتوسطة: هي التي تثبت للعبد قدرة غير مؤثرة أصلاً فأما من أثبت للقدرة أثراً ما في لفعل وسمى ذلك كسباً فليس الجبر: هو نفي الفعل حقيقة عن العبد وإضافته إلى الرب تعالى بجبري.
والمعتزلة يسمون من لم يثبت للقدرة الحادثة أثراً في الإبداع والإحداث استقلالاً: جبرياً ويلزمهم أن يسموا من قال من أصحابهم بأن المتولدات أفعال لا فاعل لها: جبرياً إذ لم يثبتوا للقدرة الحادثة فيها أثراً.
والمصنفون في المقالات عدوا النجارية والضرارية: من الجبرية وكذلك جماعة الكلابية: من الصفاتية.
والأشعرية سموهم تارة حشوية وتارة جبرية.
ونحن سمعنا إقرارهم على أصحابهم من النجارية والضرارية فعددناهم من الجبرية ولم نسمع إقرارهم على غيرهم فعددناهم من الصفاتية.
3)موقف الجبرية
من أشهر فرقهم الجهمية نسبة إلى مؤسسها الجهم بن صفوان و يتلخص موقفهم في ان افعال العباد مقدرة عليهم و انه تعالى وحده الفاعل القادر لإختصاصه وحده دون العباد و المخلوقات بالقدرة و يجد هذا الموقف موسوغاته في حج عقليةو أخرى نقلية .فمن الحجج العقلية فكرة التنزيه المطلق و تقضي بإستحالة إشتراك الله و المخلوقات في نفس الصفات خلافا لما يدعيه المشبهة و المجسمة: فإذا كان سبحانه خالقا قديرا محييا و مميتا مثلا ؛ إنتفت هذه الصفات عن الإنسان و منها صفةالقدرة التي تهمنا هنا .وغذا ما نسبت الأفعال إلى الإنسان كان ذالك سبيل المجاز؛كان نقول تحركت الشمس و نمت الشجرة... و الفاعل ذالك تحقيقا هو الله تعالى ؛ أما الأدلة النقلية فهي الآيات القرآنية التي تثبت لله القدرة و الإحا طةو العلم الأزلي بما كان و سيكون. إذن فأفعال الإنسان إنماتستند إلى الله لا إلى الإنسان المجبور المسير . يقول الشهر ستاني في"الملل و النحل" :(الإنسان "عند الجبرية"يقدر على شيئ و لا يوصف بالإستطاعة، إنما هو مجبور في أفعاله لا قدرة له و لا إرادة و لا إختيار ، و إنمايخلق الله تعالى آلافعال
فيه على حسب ما يخلق في سائر الجمادات ، و تانساب الافعال إليه مجاز كما تنسب إلى الجمادات ،كما يقول :(أثمرت الشجرة)و(جرى الماء ) و (تحرك الحجر) و (طلعت الشمس و غربت)و( تغيمت السماء و أمطرت) و (ا هتزت الارض و انبتت) إلى غير ذالك ". و دليلهم على ذالك:
1) إن الله تعالى ه و المالك المطلق الذي لا شريك له في ملكه ،فله حق التصرف فيه بخلق أو تدبير أو ما شاكل إلى غيرالله نسبة حقيقة، لزم منه وجود شركاء له في ملكه ، و هذا خلف.
2) الآيات القرآنية ةالكريمة التي تنسب بظاهرها أفعال العباد إلى تعالى،مثل:
*(و ان تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإإن تصبهم سيئة يقولوا من عندك قل كل من عند الله ) النساء 78ـ
(و الله خلقكم و ما تعملون ) الصافات95.
( و ما رميت إذ رميت و لكن الله رمى) الأنفال17.
(إن هي ألا فتنتك تضل بها من تشاء و تهدي بها من تشاء) الأعراف155.
و لكن القول بالجبرية لا ةيعني السلبيةو الاستسلام :فقد ثار الجهم ضد طغيان بني أميةو مات
في سبيل ذالك.
4)ايجابيات وسلبيات الجبرية
*سلبيات الجبرية
ومن البدع أيضا: بدعة إنكار القدر، وهي أيضا من القوادح تقدح في التوحيد، وتقدح في العقيدة، الذين ينكرون أن الله تعالى كتب المقادير في اللوح المحفوظ، أو علم ما يكون لا شك أنهم بذلك قدحوا في علم الله تعالى؛ قدحوا في علمه بالأمور المستقبلة، كالأمور الماضية؛ فيقولون: إن الله ليس بكل شيء عليم، إن الله لا يعلم الأشياء حتى تقع، لا يعلم الحوادث حتى تقع، وحتى تحدث، كذبوا بقوله تعالى: وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ مع أنها عامة، هذا أيضا من القوادح في العقيدة
مسألة الاستطاعة شرط التكليف
نعلم أن الله سبحانه وتعالى ما أمر إلا المستطيع، ما أمر ونهى ألا من هو قادر، لا يمكن أن الله يأمر العاجز، كما أن ذلك لا يؤمر حسا، فلا يجوز مثلا أن تقول للأعمى اكتب أو اقرأ هذا الكتاب ما يقدر؛ لأنه فقد البصر فلا يكلف إلا بما يقدر عليه.
فالله تعالى ما أمر إلا من هو مستطيع فقول الله تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ لو كانوا لا يقدرون ما أمرهم بإقامة الصلاة، لو كانوا مثلا مسلوبة قدرتهم لما أمرهم، وكذلك قوله تعالى: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَى لو كانوا مجبورين عليه ليس لهم اختيار ما أمرهم، ما نهاهم؛ يدل على أنهم يقدرون على أن ينتهوا؛ ويترك ما نهوا عنه، وأنهم يقدرون على فعل ما أمروا به ولو كانت قدرتهم مسبوقة بقدرة الله تعالى فهو ما أمر إلا المستطيع من للفعل والترك، ولذلك لما أمر الله تعالى بالحج: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ قيده بقوله: مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا علم أن من خلقه من لا يقدر على الحج للمشقة والسفر وللبعد وما أشبه ذلك؛ فلذلك ما أمر إلا المستطيع مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا الله تعالى لا يجبر أحدا على المعصية؛ يعني يلجئه ويجبره عليها، إنما جعل له قدرة وله إرادة فإذا وقع في المعصية قيل هذا العاصي زينت له نفسه زين له الشيطان زين له هواه، اتبع هواه، ولو كان الله قد قدر ذلك عليه وأراده ما جبر أحدا على المعصية، ولو اضطره إلى ترك الطاعة، لا يقال: إن هذا امتنع عن الطاعة لأنه عاجز، بل هو قادر ولكن ترك الطاعة باختيار منه، يلام على ذلك قال الله تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا دليل على أن الله ما أمر إلا بما في الوسع والطاقة والقدرة.
أية نفس لا يكلفها إلا بما في وسعها يعني باختيارها وقدراتها وإمكانياتها، وقال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ دل على أن لهم استطاعة أي بقدر ما تستطيعونه وبقدر ما تقدرون عليه، افعلوا ما تستطيعونه من تقوى الله تعالى، وقال تعالى: الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وهذا كثيرا في القرآن، كما في قول الله تعالى: جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وقوله تعالى: بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ كل ذلك دليل على أن للإنسان كسبا، وله عمل، وكل نفس تجزى بعملها يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا عَمِلَتْ دل على أنها التي عملت وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ثم دل على أن للعبد فعلا، وله كسب؛ يعني ينسب إليه فعله وينسب إليه عمله، فله كسب وله عمل يجازى عليه في الآخرة، إن خيرا فخير وإن شرا فشر، يجازى على الحسنات بالصواب، وعلى السيئات بالعقاب، مع اعتقادنا أن ذلك كله حاصل بقضاء الله تعالى وبقدره.
أنه هو الذي هدى هذا فضلا فاهتدى، وحكم على هذا بالطرد عدلا فشقي؛ فينسب إلى هذا اهتداؤه فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا .
الجمع بين قول القدرية وقول الجبرية
الجمع بين قول القدرية الذين أنكروا قدرة الله، وبين المجبرة الذين أنكروا قدرة العبد؛ أننا نقول: إن قدرة الله عامة تدخل فيها قدرة العبد، وإن قدرة العبد خاصة خاضعة لقدرة الله، وإن تلك القدرة من الله تعالى وهبها للعباد، بها يزاولون أعمالهم، وبها تنسب إليهم شقاء وسعادة، وشقيا وسعيدا ومقربا وطريدا، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد؛ هذا هو الجمع بين هذين المذهبين
غلبوا قدرة الله وهم الجبرية الذين لم يجعلوا للعبد أية قدرة، بل جعلوه مجبورا على حركاته وعلى أفعاله، وليست له أية أفعال، ولا تنسب إليه أية أقوال، بل إن حركاته بمنزلة حركة الشجر التي تحركها الرياح، أو حركة المرتعش الذي ترتعد يداه، ولا يقدر على أن يمسكهما، فجعلوه مجبرا على فعله، ولم يجعلوا له أي اختيار في ذلك، ويقول قائلهم:
ألقـاه في البـحر مكتوفا وقـال لـه إيـاك إيـاك أن تبتـل بالمـاءِ!!
ويقول آخر:
وضعوا اللحم للبزاة على ذروتي عدن ثم لاموا البزاة إذ أطلقوا لهن الرسن
لــــو أرادوا صيــانتـــي ستـــروا وجهــك الحســن
فكأنهم يقولون: إن الله هو الذي أوقع العبد في المعصية، وهو الذي حرك أفعاله، فإذن تعذيبه له يكون ظلما ، فليس للعبد أي اختيار!! ولا شك أنهم مخطئون.
ولا بأس أن أعلق على أقوالهم وإن كان الكلام يستدعي طولا، فأقول:
إن هؤلاء متناقضون؛ ذلك لأنهم لا يستمرون على فعلهم، بل إنهم لا يعتمدون عليه في كل الأحوال، ولا يحتجون بالقدر في كل حال من الأحوال.
ونقول لهؤلاء: إذا كان الحال كذلك فلا تطلبوا المعيشة ما دام أن الله قدر لكم رزقا، فإنه سيأتيكم به، اجلسوا في بيوتكم ولا تتكسبوا، ولا تحرثوا، ولا تزرعوا، ولا تتاجروا، ولا تتعلموا، ولا تعملوا، أي عمل! بل لا تأكلوا، ولا تشربوا، ولا غير ذلك، فإذا كان الله قد قدر لكم ذلك، فإنه سيأتيكم ويصل إليكم!
فلو قلنا ذلك لهم لما امتثلوا، فدل ذلك على أنهم متناقضون.
فما دام أنك تقدر، وأنك تقلب في أمور الدنيا، فلماذا لا يكون لك القدرة على الأعمال الصالحة، مثل العبادات والطاعات والحسنات والقربات ونحوها؟!
كذلك أيضا نقول لهم: إن هذا كله بقضاء وقدر، ولكن لكم أفعال تستطيعون بها أن تنسب إليكم، فقد روي أن عمر -رضي الله عنه- رفع إليه سارق، فلما أراد أن يقطع يده قال السارق: يا أمير المؤمنين، هذا قدر، فالله قدر علي هذه السرقة. فقال عمر -رضي الله عنه- أنت سرقت بقدر الله، ونحن نقطع يدك بقدر الله. فإذا كان هذا بقدر، فهذا أيضا بقدر!
كذلك ذكر أن رجلا كان يقود أعمى، فجعل يقوده بعنف، وجعل يعثر به في الحفر، وفي الحجارة، ونحوها ويقول: هذا بقدر! هذا مقدر! ثم إن الرجل الأعمى ضربه بعصاه بقوة، فقال: هذا أيضا بقدر، فإذا كان تعثرك بي وتعمدك بي بقدر، فأنا أضربك بقضاء وقدر!
ونقول لهؤلاء أيضا: إن العقوبة التي رتبها الله تعالى على هذه الأفعال، لا شك أنكم تستحقونها؛ لأن الله رتب على من فعل كذا عقوبة كذا، فالعقوبة على أفعالكم بقضاء وقدر.
*الجبرية من وجهة نضرابن رشد
الجهمية ونفى حرية خلق الافعال (جهم بن صفوان)الموقف العام للفرقة
1_نفى جهم عن الانسان كل قدرة على الاختيار وقال ان الانسان لا يقدر على شىء وهو مجبور على افعالة
ولا ارادة او اختيار
2_واذا كانت الافعال تنسب الى الانسان فذلك على سبيل المجاز كما يقال (الشجرة اثمرت او سطعت الشمس)
3_يرى جهم ان الله هو القادر والفاعل والخالق والمحيى والمميت
4_وقرر ان الثواب والعقاب جبر والايمان والكفر جبر ايضا فاللّة قدر كل شىء ازلا فاللّة تعالى خلق المؤمنين مؤمنين
والكافرين كافرين وكل ما سيحدث مقدر ازلا
المبرر الاساسى للوقف الجبرى
نفى جهم حرية خلق الافعال لانة لو كان الانسان خالقا" لافعالة لكان معنى ذلك انة شريكا للة فى الخلق وهذا ينافى الوحدانية
لذلك قال جهم ان الله قدر كل شىء ونحن مجرد منفذين للمشيئة الالهية