المقدمة : تضافرت عديد الظروف الداخلية و الخارجية لتكثيف العمل الوطني بعد الحرب العالمية الثانية و هو ما ساعد التونسيين على خوض معركة التحرير و الحصول على الاستقلال . ماهي مظاهر ازمة النظام الاستعماري و حيوية المجتمع التونسي و كيف كانت المسيرة نحو الاستقلال .
I – أزمة النظام الاستعماري
1- أزمة النظام الاستعماري و تفاقم الاختلالات الاقتصادية و الاجتماعية للمجتمع التونسي
ا- ازمة النظام الاستعماري :
- استفادت البلاد التونسية من ظرفية ما بعد الحلرب العالمية الثانية المتمثلة في تراجع مكانة القوى الاستعمارية و مساندة العملاقين للمستعمرات و بروز منظمة الأمم المتحدة
- قامت فرنسا بطرح مشروع الاتحاد الفرنسي و هو مشروع جاء به الرئيس الفرنسي شارل ديغول سنة 1946 و ينص على إرساء علاقة تقوم على المساواة و التضامن بين كافة شعوب الإمبراطورية الفرنسية لكنه لا يعطي الحق في الاستقلال لهذه الشعوب .
- رفض التونسيين هذا المشروع الاندماجي كما رفضوا الإصلاحات التي قامت بها فرنسا عن طريق المقيم العام ماسط و مانس
=) أمام رفض هذه الإصلاحات جربت فرنسا سياسة التفاوض مع التونسيين سنة 1950 عن طريق روبار شومان لكن المتفوقون افشلوا هذه التجربة
ب- تفاقم الاختلالات الاقتصادية و الاجتماعية :
- شهدت البلاد التونسية تعاقب سنوات الجفاف ( 1945- 1948 – 1950 -1955 ) كما شهدت زحف الجراد ( 1946 – 1947 ) و هو ما ادى الى تراجع الإنتاج الفلاحي كما أغلقت الأسواق الفرنسية أبوابها أمام المنتجات التونسية
- شهدت هذه الفترة انهيار النتاج المنجمي خاصة الفسفاط كما تضرر الحرفيون بسبب تدفق البضائع المصنعة في اوربا و شهدت ميزانية الدولة عجزا و ارتفاع الديون
- كانت الحالة الاجتماعية سيئة حيث تدهورت المقدرة الشرائية للسكان و تزايدت البطالة ( 200 الف سنة 1956 ) كما تزايد النزوح نحو العاصمة ( 80 الف سنة 1956 ) و هو ما ادى الى انتشار الاحياء القصديرية
- احتداد الفوارق بين التونسيين و الفرنسيين في المستوى الصحي و التعليمي و الغذائي
==) ادت كل هذه الظروف الى نقمة التونسيين على الاستعمار و بروز الوعي الوطني في صفوف الشعب
2- تحولات المجتمع التونسي و تعبئة القوى الوطنية ضد الاستعمار :
أ – تحولات المجتمع التونسي :
- تمكن المجتمع التونسي من من اقتحام كل المواقع في الإدارة و التعليم و الأحزاب و المؤسسات الاقتصادية و الاجتماعية حيث تنامى عدد الموظفين و أصحاب المهن الحرة من أطباء و صيادلة و محامون و الذين أصبحوا يشكلون اهم عناصر التنظيمات الوطنية و خاصة الحزب الجديد
- بلغ عدد الشبان التونسيين دون العشرين سنة حوالي 52 من السكان سنة 1956 و أصبحوا يمثلون القوة الضاربة للحركة الوطنية
- بروز منظمات وطنية مثل الاحاد العام التونسي للشغل و الاتحاد التونسي للصناعة و التجارة و الاتحاد النسائي الإسلامي
- تنامي المؤسسات التعليمية العصرية و تزايد عدد التلاميذ و خاصة التلميذات
- عودة الصحف الوطنية الى الصدور بعد سنة 1947 و بروز صحف جديدة ( 80 صحيفة ) من أبرزها صحيفة الحرية و الرسالة ( الحزب الجديد ) و الارادة و الاستقلال ( الحزب القديم ) .
==) ساهمت هذه النهضة الصحفية في نمو الحركة الفكرية و الثقافية و بروز نخبة من المثقفين ( محمود المسعدي علي البلهوان ... ) و في بروز فكرة المشروع الوطني لتونس المستقلة
ب – تعبئة القوى الوطنية ضد الاستعمار :
أصبح الحزب الدستوري الجديد منذ أواخر الثلاثينات مركز الثقل للحركة الوطنية و لم يتأثر بالصعوبات التي اعترضته سنة 1938 و أثناء الحرب العالمية الثانية و استعاد هذا الحزب نشاطه من جديد بفضل عدة عوامل :
- تعزيز هياكله التنظيمية : حيث تم بعث الجامعات الدستورية و هو هيكل وسيط بين الديوان السياسي و بين الشعب الدستورية كم تم إحداث خطة مدير الحزب أسندت الى المناضل المنجي سليم و كانت مهمة المديلر التنسيق بين مختلف الهيئات الدستورية و تنظيم علاقات الحزب بالمنظمات الوطنية كما تم تعيين صالح بن يوسف امينا عام للحزب .
- تكثيف الاتصالات بالجماهير عن طريق الجولات الميدانية و كذلك عن طريق الصحف حيث صدرت صحف جديدة سنة 1948 تتحدث باسم الحزب مثال صحيفة الحرية و الرسالة .
- انتشار ملحوظ لشعب الحزب في مختلف أنحاء البلاد حيث أصبح للحزب الجديد 400 شعبة سنة 1950 و أكثر من 200 الف منخرط .
اما بانسبة للحزب القديم فان عدد شعبه تقلصت الى 100 شعبة و أصبح عدد منخرطيه لا يتجاوز 7000 منخرط لكنه رغم ذلك حاول اسماع صوته عن طريق صحفه مثل صحيفة الإرادة كما قام بدور هام في الحركة المنصفية و كذلك في تأسيس الجبهة الوطنية
كما عمل الوطنيون على تعبئة كل الطاقات التونسية لمواجهة الاستعمار و ساهموا في بعث منظمات مهنية و جمعيات شبابية و ثقافية من أبرزها :
* الاتحاد العام التونسي للشغل : أسسه فرحات حشاد في 20 جانفي 1946
* الاتحاد التونسي للصناعة و التجارة : تأسس في افريل 1948 برئاسة الفرجاني بالحاج عمار
* الاتحاد العام للفلاحة التونسية : تاسس في ماي 1949 عن طريق الحبيب المولهي
* منظمات أخرى : مثل الاتحاد النسائي الإسلامي الكشافة الإسلامية الاتحاد العام لطلبة تونس ...
==) انصهرت هذه المنظمات في العمل الوطني و لم تقتصر على الدفاع عن مصالح أعضائها