الموضــــــــوع :
إن الحماسة عند أبي تمام و المتنبي و ابن هانئ تخليد لوقائع و تمجيد لأفراد عبرت عنها جودة في التصوير و قوة في الإيقاع .
إلى أي مدى توافق هذا الرأي ؟
1) التفكيــــــــــك :
* المعطــــــــى :
- صياغته :خبرية مؤكدة : " إن الحماسة ... تخليد ...و تمجيد ... عبرت عنها ...."
- مضمونه : * الحماسة تخليد لوقائع و تمجيد لأفراد
* عبرت عنها جودة في التصوير و قوة في الإيقاع
* المطلـــــــوب :
- استفهامي " إلى أي مدى توافق هذا الرأي ؟ "
- موافقة الرأي : التوسع في تحليله + دعم التحليل بالشواهد .
- بيان حدود الموافقة : التثمين + ابراز ما غفلت عنه القولة و الإستدلال على ذلك .
2 ) التصميـــــــــــم :
* الجوهـــــــــر :
- التحليل :
العنصر الأول : الحماسة عند أبي تمام و المتنبي و ابن هانئ تخليد لوقائع و تمجيد لأفراد :
- الحماسة شعر حرب اهتم بالمعارك المستعرة ، فانبرى الشعراء يصفون واقعاتها بتفصيل و احكام كأنها نقش على صفحات التاريخ .
- انشغل أبو تمام بحروب المعتصم و شهد بعضها ، فخصها بمطولات نقلت أحداثها / وصف واقعة عمورية أبرز منعة المدينة و قدرة الجيش العربي على اقتحامها و صور الخراب الذي لحقها
" إذ غودرت وحشة الساحات و الرحب "
- تخليد غزوة القسطنطينية : ذكر المراحل التي قطعها جيش أبي سعيد الثغري حتى أدرك أسوارها
بداية المسير : قدت الجياد كأنهن أجـــــــــادل بقرى درولية لها أوكـــــــــار
الوصـــــــــول : حتى التوى من نقع قسطلها على حيطان قسطنطينة الإعصار
غمار المعركة : فهناك نار وغى تشب و ها هنا جيش له لجبو ثم له مغار
رسم هزيمة مانويل و جيشه : فالمشي همس و النداء إشارة خوف انتقامك و الحديث سرار
- تخليد واقعة يوم أرشق : نقل ملامح الخطة الحربية المحكمة سرد قصة بابك الخرمي من مبتدئها إلى منتهاها أسرى بنو الإسلام فيه و أدلجوا بقلوب أســـــــــد في صدور رجال
هروب العدو " تخذ الفرار أخا "
وصف حاله : مازال مغلول العزيمة سادرا حتى غدا في القيد و الأغلال
مقتله : لاقى الحمام بسر من راء التي شهدت لمصرعه بصدق الفال
- خلد المتنبي حروب سيف الدولة الحمداني ، و قد شارك في بعضها و هو ما يعد توثيقا للحادثة و صدقية في نقلها
· ذكره تفاصيل معمعة الحدث :
وصف جيش الروم عدة و عديدا : خميس بشرق الأرض والغرب زحفه و في أذن الجوزاء منه زمازم * تصوير لحظة الصدام حتى تنتهي : تقطع ما لا يقطع الدرع و القنا و فر من الفرسان من لا يصادم - ردد ابن هانئ وقائع المعز فنقلها نقل المندفع والمنافح عن المذهبتخليدا لإنجازات الفاطميين فوصف المعارك والجيوش والأساطيل و المعدات : تجسيده واقعتي المجاز و صقلية
أرض تفجر كل شيء فوقها بدم العدى حتى الصفا و الجندل
و كما خلد شعراء الحماسة الوقائع الحربية فإنهم مجدوا أبطالها
*****: تمجيد الأبطال و الإشادة بشجاعتهم و إقدامهم و رباطة جأشهم :
- يقول المتنبي مادحا سيف الدولة : وقفت و ما في الموت شك لواقف كأنك في جفن الردى و هو نائم يقول أبو تمام في وصف شجاعة أبي سعيد الثغري :
أوقدت من دون الخليج لأهلها نارا ، لها خلف الخليج شرار * تغنى الشعراء بصمود و ثبات أبطالهم لحظة المواجهة : قال أبو تمام في رثاء الطوسي : فتى مات بين الضرب والطعن ميتة تقوم مقام النصر إذ فاته النصر
قال المتنبي : بناها فأعلى و القنا يقرع القنا و موج المنايا حولها متلاطم
· حسن القيادة و الحمية والغيرة على الإسلام و المسلمين قال أبو تمام في العتصم
غضب الخليفة للخلافة غضبة رخصت لها المهجات و هي غوالي
قال ابن هانئ محتفيا بالمعز : هذا المعز ابن النبي المصطفى سيذب عن حرم النبي المصطفى
و قال مخاطبا المعز : مليك ترى الأملاك دون بساطه و أعناقها إلى الأرض خضع
تخلص : وهكذا ، فأبو تمام والمتنبي و ابن هانئ أسهموا في تخليد أحداث تاريخية و أشادوا بخصال أبطالها فعظموا و أعلوا وكانت عدتهم لتحقيق هذه الأهداف اقتدارهم على أفانين القول جودة في التصوير و قوة في الإيقاع
العنصر الثاني :
1 / جودة التصوير :
** إجادة وصف المعارك حتى تحولت إلى مشاهد نكاد نراها دائرة و نسمع قرقعة أسلحتها و أصوات المتحاربين و نرصد حركاتهم كرا وفرا ونلج وطيسها عبر استغراق الوصف و ركوب الإستعارات و التشابيه :
- اخراج أبي تمام صورة المدينة المحترقة في لوحة تصعد فيها الحريق حتى غدا مشهدا كونيا للصراع بين رموز النور و رموز الظلمة ، ليبرز لنا من رحم الحرب و أهوالها معاني البطولة
ضوء من النار و الظلماء عاكفة و ظلمة من دخان في ضحى شحب
فالشمس طالعة من ذا و قد أفلت و الشمس واجبة من ذا و لم تجب
احتفاؤه بضروب البديع و الحاحه في المعاني الدقيقة العميقة في وصف يوم أرشق حد اسماع وقع السلاح و تحويل المعنوي إلى مرئي : يا يوم أرشق كنت رشق منية للخرمية صائب الآجال
- تجسيمه بلاد الروم في صورة امرأة ثكلى واله فزعة عبر التشبيه التمثيلي
كأن بلاد الروم عمت بصيحة فضمت حشاها أو رغا وسطها السقب
- مزج ابن هانئ عناصر طبيعية بعناصر حضارية لاستقصاء الصورة كتشبيهه السفن بالجبال العالية و بالقباب المزركشة للايحاء بتعانق جمال المشهد و فعالية الجيش و عظمته :
قباب كما تزجى القباب على المها و لكن ما انضمت عليه أسود
اعتماده صورا مستلهمة من القرآن أو الأساطير و الأقاصيص القديمة و تعاليم المذهب الشيعي و اخراجها اخراجا شعريا لطيفا يطوعها لشعر الحرب حتى تنضح بقوة الأسطول و اقتدار بطله فاستطاع أن يبني للواقعة مشهدا تراكميا تظهر فيه درجات من الألوان و الأجسام فإذا هو يوم قيامة
و لله مما لا يرون كتائب مسومة يحدو بها و جنود
أطاع لها أن الملائك خلفها كما وقفت خلف الصدود ردود
- تهويل المتنبي لمشهد البناء بناء قلعة الحدث و الزج بالممدوح في محيط ملغم موتا بفعل الإستعارة التي حولت الموج منايا كما أجاد رسم ملامح البطل الذي لا يقهر ويتحول بفعل التصوير إلى مدارات الرمزي الملحمي الأسطوري : وقفت و ما في الموت شك لواقف كأنك في جفن الردى و هو نائم
- توظيف أبي تمام للإستعارة الصدر العاري المكشوف للمكان ايحاء بإرادة أبي سعيد الثغري و اقدامه لولا جــــــلاد أبي سعيد لم يزل للثغــــــــر صدر ما عليه صدار
- إجادة ابن هانئ في وصف اقتدار المعز بأن استعار الفعل للموج فأشركه في القتال
و الموج من أنصار جيشك خلفها فالموج يغرقها و سيفك يقتل
- جودة رسم ملامح العدو و أحواله قبل المعركة و بعدها حتى نكاد نلامس كوامن نفسه : يقول أبو تمام واصفا هزيمة بابك الخرمي و جنده : برزت بهم هفوات علجهم و قد يردي الجمال تعسف الجمال
2 / قوة الإيقاع
- اختيار بحور مديدة تحتفي بالإيقاع الصاعد الذي يتناغم مع أجواء الحماسة ( الطويل ، البسيط ، الوافر ، الكامل..)
- احداث التواشج بين الخصائص العروضية بحرا و قافية و طبيعة الموضوع ** مراوحة البحر و القافية بين الشدة و الرخاوة بين الجهر و اللين و انشطار المعنى بين قوة و ضعف ، نصر و هزيمة
- اجراء ضروب البديع : الجناس ، الطباق ، المقابلة لنشر موسيقى صاخبة في جسد القصيدة بتكرار أصوات أو مقاطع متماثلة في الجرس فيسهم المغنى في إنتاج المعنى و تكثيف طاقاته الإيحائية :
تعميق أبي تمام النغمة الملحمية بالجناس و الطباق:
بيض الصفائح لا سود الصحائف في متونهن جلاء الشك و الريب
- اسهام الإيقاع في تشكيل الصورة سمعيا و بصريا قال المتنبي :
بناها فأعلى و القنا يقرع القنا و موج المنايا حولها متلاطم
- استعمال ابن هانئ الجناس اللفظي و المعنوي والتكرار الحرفي " ك "لإحداث رنة متواترة فترقص الحروف والكلمات على وقع جمال الممدوح : كبدر الدجى كالشمس كالضحى كصرف الردى كالليث كالغيث كالبحر - استعمال الحروف الجهرية فتضج القصائد حركة و قرقعة و دويا تحاكي وهج المعارك و لحظة الصدام
يقول المتنبي : عش عزيزا أو مت و أنت كريم بين طعن القنا و خفق البنود
و يقول ابن هانئ : فأنفاسهن الحاميات صواعق و أفواههن الزافرات حديد
- إبداء الرأي :
** تثمين الرأي المطروح في الموضوع مباركته
** إبراز ما أغفلته القولة : الحماسة عند أبي تمام و المتنبي و ابن هانئ ليست تخليدا للوقائع وتمجيدا للأفراد فحسب بل هي إلى ذلك :
- إثارة للحمية و حث على الجهاد من أجل الدين و الوطن والعرض يقول ابن هانئ :
- ما لي رأيت الدين قل نصيره بالمشرقين و ذل حتى خرفا ؟
** التغني بالقيم الأصيلة قيم الشجاعة والبطولة و الجود والإيثار و الغيرة فهذه القيم هي المستهدفة من وصف المعارك و عطف للقلوب عليها و على القيم الدينية ، فالوقائع ليست حروبا بين جيوش بل بين حق وباطل بين خير و شر بين إيمان وكفر يقول المتنبي
و لست مليكا هازما لعدوه و لكنك التوحيد للشرك هازم
وهكذايتحول التغني بالأفراد إلى تخليد للقيم العربية الأصيلة
** الإيقاع من لوازم القول الشعري كذلك الإيغال في الصورة وهو ما يجانب التوثيق و التأريخ ونقل الوقائع في حيادية و مصداقية وعذوبة الشعر تأتي من غرابة الصورة لأن أعذب الشعر أكذبه
***** المقدمة :
- تمهيـــــــــــــــد :
- انخراط الشعر في القرنين الثاني و الثالث للهجرة في غمار تصوير الحروب التي نجمت عن تفكك و هوان المسلمين فكان أولئك الذين يهبون للدفاع و المغالبة موضوعا شعريا
- طرح الإشكالية :فكانت الحماسة ......
- طرح الأسئلة :
- فكيف خلدت الحماسة الوقائع و مجدت الأفراد ؟
- و كيف عبرت جودة التصوير و قوة الإيقاع عن ذلك ؟
و ما حدود هذا الرأي ؟
***** خاتمة :
- توفيق شعراء الحماسة بين طبيعة الموضوع ( شعر الحرب ) و أفانين القول ابداع الصورة و جودة الإيقاع
- المجانسة بين الواقعة الحربية ة الواقعة الشعرية
- التأكيد على أن الحماسة رغم احتفالها بالواقع و التاريخ تبقى إبداعا ليس من دأبه محاكاة الواقع أو نسخه لأن ذلك يخالف طبيعة الشعر