لا يمُثّل قسْمُ الرِّحْلَةِ مِنْ رِسالةِ الغُفرانِ مُجرّدَ رِحْلةٍ سَماويّةٍ فِي عالمِ الخيالِ فقطْ ولكنّهُ طرْحٌ لجمُلةٍ ِمنَ القضايا الفكْريّة والأدبيّة بأُسْلُوبٍ سَاخرٍ.
تفكيك المعطى:
-لا يمُثّل قسْمُ الرِّحْلَةِ مِنْ رِسالةِ الغُفرانِ مُجرّدَ رِحْلةٍ سَماويّةٍ فِي عالمِ الخيالِ فقطْ :
- رحلة في عالم الخيال +......ـ
-الخيال " المكان , الزمان , الشخصيات , الأحداث .....ـ
-جملة من القضايا الفكريّة والأدبيّة :
-* القضايا الفكريّة:
- 1عقدية دينيّة - 2 : إجتماعيّة – 3: سياسيّة
-الأدبية " الشعر حدّه , المدح ’ القضايا العروضيّة , المعجم ......."
-الأسلوب السّاخر :
تفكيك المطلوب "
- تحليل القول + اعتماد شواهد دقيقة
المقدّمة : تأجيل المقدّمة :
الجوهر:
[مظاهر الـــــخيال
تجلّت مظاهر الخيال في رحلة الغفران في عدّة مظاهر وهي المكان , الزّمان , الشخصيات , الأحداث.
1- مظاهر الخيال في المكان :عالم الغفران عالم عجيب غرائبي لا معقول : عالم ما ورائي عجيب مفارق للعالم الأرضي مبالغة في وصف غرائبيّة المكان وجغرافيّته " كثبان من عنبر , نوقه من ياقوت ,ودر ّ , وصخوره من زمرّد , خمره وحليبه أنهار, سحابه ينثرُحصى من كافور , ظلال شجره تأخذ ما بين المشرق والمغرب , مُكوّناته لايّصيبها التّغيير , والتحوّل , ثمر شجره تخرج منه الحور العين , ماء الحيوان فيه يمنح الخلُود " وتجري في لأصول ذلك الشّجر أنهار تختلج من ماء الحيوان من شرب منها النّغبة فلا موت فقد أمن هنالك الموت ..."
1-مظاهر الخيال في الزمان : يتميّز :بــ :
أ " : زمن إلاهي مُطلق لا نهائي مُتحرّر من قيود النّسبيّة والمحدُوديّة ..."
ب: زمن لا يُؤثّر في الأشياء والشّخُوص : " وسُعدٌ – أنهار- من لبن متخرّقات لا تُغيّر منها الأوقات
ج : زمن ما بعد الموت بعد الحياة الدّنيا زمن عجيب لم يدركه البشر بعد
3- مظاهر الخيال في الشّخصيّات:
تجسمت مظاهر الخيال في الشخصيات من خلال
أ: كسر الحاجز الزمني بين بينها : اجتماع شخصيّات من مرجعيّات زمنيّة مُختلفة من ذلك " الجاهلي , والأموي , والعبّاسي , وآدم
ب: كسر الحواجز اللّغويّة بينها : إنطاق المعرّي شخوص عالم الغفران باللّغة العربيّة والحيوان نفسه " الأفعى , الأسد , يحاور ابن القارح بالعربية الفصيحة ويُناقش
ج:كسر الحواجز بين الأجناس اجتماع الإنسان بالحيوان , والجن والملائكة وزبانية النار والعفاريت وإبليس .......في عالم الغفران
د : التغيّرات الطّارئة على بعض الشّخصيّات: الأعشى مبصر بل أحور , أجمل عيون عند عُوران قيس , توفيق السوداء أنصع من الكافور تحول زهير بن أبي سلمى إلى شاب ...ظاهرة التعويض والقلب قال حُميد بن ثور عن بصره "
4- مظاهر الخيال في الأحداث:
تجسم الخيال من خلال : خروج حور العين من الثمار , عودة الحيوان " الطاووس .الإوز..." بعد أكله إلى حاله الأول انقضاب عنقود العنب من الشجرة إلى فم ابن القارح , الأغصان تنضح البطل بماء الورد , الخيل تحلق حينما اشتدّ الزحام , السهم يتوقف عند تصويبه الخيل والجواري تسير بسرعة البرق سرب الإوز يتحول إلى جواري راقصة " ويمرّ رف "
/القـــضايا الفكريّة
عقديـــــــة :
أ – معتقد الغفران : الإيمان بالغفران يقلب الجزاء بالنّعيم أمرا يسيرا بلوغهُ ممّا يشجّعُ النّاس على استهلاك حياتهم في اللذة والمتعة
ب- مفهوم الشّفاعة : ثورة المعرّي على هذا المُعتقد الشّيعي لأنه إبطال ٌ للحُكم الإلهي وتأكيدا
على التدخل البشري في الجزاء وهو أمرٌ مردود دينيّا بالإضافة إلى الخلفيات السّياسيّة الشيعيّة لهذا المعتقد
ج: نقد التّصوّرات المادّية للجنّة والبعث والحشر : هذه التّصوّرات الحّسية أفقدت الجنّة والبعث والحشر قُدسيّتها .
د : معتقد الوساطة وعٌبور الصّراط والجزاء على الأقوال و ليس الأفعال
نقد أبو العلاء المعرّي للواقع العقائدي في رحلة الغفران هو نقد العقل لمجتمع اللاّمعقول وهو ثورة على زمن أفلس حضاريّا وتميّز بالبُؤس القيمي ورقّة الإيمان
2-أخـــــــلاقية
فضح لمجتمع مغرق في الشّهوات الجنسيّة " اللواط ,المجالس الخمريّة , الخلوات الجنسية , العربدة والمجون , مثال " ويخلو لا أخلاه من الإحسان بحوريتين من حور العين .. ويقبل على كلّ واحدة منهنّ يترشّفُ رضابها " "
3 – اجتــــــماعية :
أ: الطّبقيّة : تشهير المعرّي بالتّناقض الصارخ بين حياة القصّور والبيوت الحقيرة : " زهير بن أبي سُلمى " وُهب له قصرٌ من ونيّة " والحطيئة " بيتٌ في أقصى الجنّة كأنّه حفش أمة راعية "
ب: الوصوليّة والوساطة : تشهير المعرّي بالسّلوك الاجتماعي القائم على أنّ الغاية تبرّر الوسيلة من ذلك تودّد البطل ابن القارح إلى فاطمة الزّهراء قصد الدّخول إلى الجنّة فقالت للرسُول :"
ج: نقد تدهور واقع : المرأة استحالت وعاء للذّة وملبّية لرغبات الرجل فهي إمّا قينة أو جارية أو راقصة
3-سّيــــــــاسيّة :
أ: دور آل البيت في تقرير مصير الشّخصيّات بمعزل عن الإرادة الإلاهيّة مُعادل رمزي لتحكّم الحاشية في الحكم في ظلّ غياب السّلطان .التشهير بتحكّم الحاشية في السّلطة السّياسيّة
ب: فضح الدّسائس والنميمة : "
[]ج: نقد انصراف الرّاعي عن الرّعيّة : غياب اللّه في الجنّة أشبه بغياب السّلطان السّياسي في الواقع .==) موقف المعرّي من رجال السّيلسة تميّز بالحدة إزاءهم حيثٌ أدخلهُم ْ جميعهم النّار : مثال:"
القـــضايا الأدبـــيّة
أ:حدّ الشّعر ومفهومه ووظيفته وفضح الشعرالمدحي التكسّبي"
ب: السخرية من شعراء الرجز : وضعهم المعري في جنّة خاصّة بهم وحرمخم من نعيم الفردوس ولذّاته : "
ج : الانتحال الشعري : قال الأعشى " ما هذا ممّا صدر عنّى وإنك منذ اليوم لمولعٌ بالمنُحولات "
د : السّرقات الشّعريّة : قال ابن القارح : " عملت ُ كلمة ووسمتها باسمه " رضوان " في وزن قول لبيد "
هـ : رداءة واقع النّقد الأدبي : قيام النّقد على اعتبارات لا أدبية ونهوضه على أسس أخلاقيّة انطباعيّة ومذهبيّة وتميّزه بالعنف اللّفظي والمادّي مثل خصومة الأعشى مع النأبغة عند اختلافهم في الفحولة الشعرية .
]الأسلوب الــــسّاخر
فضاء الغفران فضاء يعج بالمواقف النّقديّة ولكنّ المعرّي قدّمهٌ بأسلوب ساخر تمثّل في :
- التفارق بين المكان المقدّس والسّلوك المدنّس : الجنّة / وسلوك البطل المعربد في الجنان ( مجون , شذوذ , الخصومات ’ الجنس , المنادمة , ......)
: أغلب الشّخصيّات فازت بالجنّة بحجج واهية ولامعقولة ( عبيد بن الأبرص ببيت من الشعر , الحُطيئة لأجل كلمة صدق , الأعشى بقصيدة مدحيّة , ابن القارح بصكّ التوبة ==) مفارقات عجيبة بين الجزاء والعقاب
-سُخرية المشهد : قلب المواقف الجادّة إلى مشاهد هزليّة :
-يوم الحشر المفروض أن يكون يوم رهبة وخوف أصبح فضاء للمزاحمة والتّوددّ والتحيّل والصّراخ والعويل ...
-انشغال بعض الشخصيّات يوم الحشر بالنقاش الحادّ في مسائل شعريّة أدبيّة مثل النّقاش الحاد مع أبي علي الفارسي الذي اتهمه الشعراء بالتّجنّي عليهم في تأويله ..."
- رسم يوم المحشر في صورة سوق يعلو فيه الضجيج والصّراخ والتزاحم بين النّاس والتودّد إلى الرّسول وعلي بن أبي طالب وفاطمة
- " انقلاب النّقاش بين النّابغة الجعدي والاعشى إلى خصُومة تطوّرت من العنف اللّفظي بالسّباب والشتم والتنابز وتبادل الاتّهامات إلى العنف المادّي "
-الرّسم الكاريكاتوري السّاخر : عبور الصراط زقفونة على ظهر جارية تسير بسرعة البرق ؟
وهو " ابن القارح " لا يستمسك ويتساقط يمنة ويسرة
-المفارقة بين المقام والمقال : ابن القارح يسألُ أهل النّار رغم عذابهم القاسي عن الشّعر وقضايا الأدب قول ابن القارح إلى إمريء القيس وهو في عذاب النّار "
- توسل ابن القارح يوم الحشر الشّعر طريقا للدّخول خلسة وعن عدم استحقاق للجنّة وذلك بالتّوددّ إلى رضولن وزفر وحمزة : "
-مفارقة الصفة للسلوك : ابن القارح شيخ يُظهر الورع والوقار ولكنّه يترشّفُ رُضاب جاريتين من حور العين أو يعربدُ ويُقيم مجالس الأنس والطّرب ويخاصم ُ بفعل السّكر أو يختلس النّظر إلى ردف جارية أثناء السّجود..
-مفارقة السّن للسلوك : ابن القارح شيخ هرم ضعيف ولكّنهُ مع ذلك يهربُ مهرولا من الأفعى التي دعتهُ إلى خُلوة جنسيّة أو مضانكة النّاس يوم الحشر حتّى يصل إلى رُضوان وزُفر : "
-سخريّة اللفظ : من خلال :
- " لفظة مسجور : الامتلاء / الفراغ أسلوب التورية ينقل المعنى من الظاهر البريء إلى المعنى الباطني السّاخر . التورية استعمال ألفاظ تثير الالتباس بحكم تأديتها للمعنى ونقيظه مثل قوله "
-الإغراب اللّغوي: استعمال أبي العلاء لألفاظ يثيرُ نُطقها الضّحك لأجل غرابتها مثل : كفرطاب , زقفونة , جحجلول .....
بناء المقــــــــدّمة
تأخير المقدّمة راجع لضرورة منهجيّة تتمثّل في استلهام ما جاء في بناء الجوهر لصياغة هذه المقدّمة .والغاية من ذلك تجنيب التلميذ الاعتماد على المقدّمات الجاهزة أو التّاريخيّة ويمكن أن يقدّم للنّص بتقديم أهمية فنّ القص وتوظيف السّخرية لإثارة التّفكير في جوانب من العقيدة والأدب . ختم المقدّمة برسم مسلك منهجي ّ يساعد على التّدرّج تحليلا وتأليفا بتضمين نصّ الموضوع وصياغته في إشكاليّات تتناسب والمطلوب
بناء الخــــــــاتمة :
تقوم الخاتمة على بلورة النّتائج التي أفضى إليها التّحليل والتأليف والتقويم لفتح آفاق جديدة نابعة من الاشتغال على النّص مضمونيّا وفنّيا ( الخيال والهزل في قسم الرّحلة واجهتان ممتعتان شفّفتان يتراءى منهما تفكيرُ جاد يتعلّق بالإنسان في القرن الخامس للهجرة عقيدة ,وسُلوكا واجتماعا وأدبا ويظهرُ فيها المعرّي أديبا ممتع الأدب وناقدا نافذ الفكر )