تحيل النمذجة إلى ثلاث محاور كبرى
منها:
- ماهو صوري أكسيومي مجرد ينتمي إلى البنية والمنظومة والنسق والنظرية ويدور في
الرياضيات والمنطق,
- ماهو محسوس وعياني وينتمي إلى عالم التجربة والواقع ويكون بمثابة تصميمات
ورسوم مجسمة.
- ماهو ناجع ووظيفي وينتمي إلى دائرة الصناعي والوظيفي من الآلات والتقنيات
الصالحة للاستعمال.
” لفظ النمذجة وقع تعريفه على النحو
التالي: بناء فكري لنموذج رياضي أي لشبكة من معادلة موجهة نحو وصف الواقع...“
كما تقدم النمذجة تفسير لتاريخ العلوم لا يقوم على الانفصال التام والقطيعة الجذرية
والثورة الحاسمة بين ماضي العلم وحاضره كما نظر إلى ذلك غاستون باشلار ولا على
التواصل الكلي والاستمرارية الفعلية كما تصور ذلك بيار دوهام بل على نظرة معقدة
تجعل النقلة النوعية رهينة حصول تراكم كمي كبير بما أن الفرق بين نموذج قديم ونموذج
جديد هو في نجاعة التمثيل للظواهر كما بين ذلك هيزنبرغ في الجزء والكل : محاورات في
مضمار الفيزياء الذرية بقوله:“إنني أعترف أن هناك درجة اختلاف معينة ولكنني لا أرى
اختلافا جوهريا...إنني في الواقع لا أستطيع التسليم بأن نيوتن قد قدم شيئا أساسيا أفضل من بطليموس لقد أعطى فقط تمثيلا رياضيا آخر للكواكب وقد أثبت على مر القرون أن هذا التمثيل هو الأكثر نجاحا...“
عندئذ يكون التقدم في العلم من التمثيل غير الناجح للوقائع إلى التمثيل الناجح.
النمذجة هي التمشي المنهجي الذي يفضي إلى إنتاج النماذج بعبارة أخرى إنها ليست سوى منهج إجرائي له غايات عملية ينطلق من مسلمة تقر بعدم إمكان إنتاج معرفة كاملة بل يكتفي فقط بإيجاد تمثلات عن الواقع لا يمكن أن نقول عنها أنها صادقة أو كاذبة بل هي فقط تمثلات ناجعة للفعل المستقبلي نظرا لما تحققه من توقعات ايجابية.
في هذا السياق يقول ليماوانيه:“ النمذجة (التصميم) طريقة ممتازة لا تقتصر على إبراز منجزات الطبيعة لكنها تنتج عددا لامحدودا ومتنوعا من الأعمال تتجاوز الطبيعة...“
”بلا ريب أن النمذجة هي أهم وأول وسيلة من الوسائل التي نوفرها من أجل دراسة تصرف
“... complexes الأنساق الكبرى المتعقدة هذا يدل على أن العلوم المستحدثة في المنتصف الثاني من القرن العشرين مثل السيبرنيتيقا والتنظيم والاتصال والقرار والإعلامية تفترض توجها ابستيمولوجيا مغايرا ينأى بنفسه عن التفسيرات الوضعية التي قبرت نفسها داخل نمذجة تحليلية ميكانيكية بينما العلوم الناشئة لا تتحد بموضوعها الذي يمكن ملاحظته وضعيا
ولكن بمشاريعها ولا تنظر إلى المعرفة باعتبارها انكشاف مواضيع طبيعية معينة
بل باعتبارها مواضيع مخترعة حيث يتم تكوين الظواهر اصطناعيا وبطريقة حرة عن
طريق ملكة التخيل لدى الباحث. ما يترتب عن إدخال النمذجة إلى العلم هو أن أهمية المعرفة
العلمية أصبحت تقاس بالمنفعة التي تحققها للإنسان أي بالنتائج العلمية لأن نظرية نافعة
هي نظرية تمكننا من إنتاج تقنية تفيدنا في الحياة العملية.
في هذا السياق يقول باسكال:“العلماء يميزون بوضوح بين فعل النمذجة الذي ينتمي بوجه من الوجوه إلى التخيل وبين فعل التنظير الذي يصاحبه إيمان جدي بحقيقة القضايا التي تكون الخطاب النظري...“
من هذا المنطلق تتجاوز العقلانية المعاصرة النمذجة التحليلية التي تتوخى أسلوبا ميكانيكا وتؤمن بالقوانين الثابتة لتشرع لنمذجة منظومية نسقية لا تنظر إلى صلاحية القضايا بالانطلاق من مبادئ وضعية بل تعتمد على البنائية كبديل علمي محترم وكأفق ممكن لتجاوز صعوبات العلوم الوضعية في تفسير المعقد العلمي المعاصر الذي يشبه الأرخبيل حيث تمثل علوم الهندسة جزيرته الرئيسية.
ينقد بيار دوهام عن ضرورة النمذجة التحليلية بتحذيره من الوقوع في الخلط في استعمال النماذج الميكانيكية المماثلة المجردة والنماذج الميكانيكية المصورنة بقوله:“ حينما استنجد بالنماذج الميكانيكية فانه يقع الاقتصار على عرض نتائج سبق أن توصل إليها ولم تكن بصدد الابتكار“ .
النمذجة هي إذن مبدأ تقنية تمكن الباحث من بناء نموذج لظاهرة أو سلوك عبر إحصاء المتغيرات أو العوامل المفسرة لكل واحدة منها، إنها محاولة لفهم الأنساق المعقدة عن طريق خلق نموذج يظهر في شكل بنية صورية تعيد بناء الواقع العيني بناء افتراضيا.
هذه هي بعض التوصيفات الأولية
للنمذجة، فماذا عن النموذج؟
لقد اكتسب مفهوم النموذج حمولة منهجية واسعة الدلالة تنطبق على كل الأساليب والحقول والانتاجات التي لها علاقة بالمعرفة، كما مثل النقطة الحاسمة في الأبحاث الجوهرية للفلسفة المعاصرة وخاصة القسم الابستيمولوجي النقدي من فلسفة الطبيعة الذي يعتمد مقاربة رياضية تهتم بالظواهر الفيزيائية والمورفولوجية والبنيوية.
لكن يصعب علينا أن نفسر ما يعنيه النموذج العلمي لأننا نجد أنفسنا في مواجهة وضعية
تقدم شيئا مباغتا بالنسبة إلى كل متقبل للمعرفة العلمية وتتخلص من كل مماثلة وعادة وتكرار وكل تبرير أو كسل عقلي وتتمتع بالديناميكية والإبداعية والتكيف والتجدد.
إن النمذجة هي فعل إنتاج النماذج وهي عملية تبسيط للمعقد بجعله أيسر للوصف والتأويل والنموذج هو تعقل رائع للظواهر وقد ”ظل النموذج على الدوام الصورة التقريبية أو الدقيقة مبسطا ومختزلا لواقع فيزيائي أو بيولوجي أو اجتماعي... ويصلح النموذج في الحالة الأولى( الهندسة اللااقليدية) للتحكم نظريا في واقع معطى وفي الثانية ( الهندسة الاقليدية) يصلح لمليء بنية نظرية بمحتوى أكثر عيانا...“
النموذج هو الذي يتيح تمثل شيئا ما في نظرية أو نظرية في شيء ما أو نظرية ما في نظرية أخرى أو بتعبير رونيه توم تماثل بين يسمح عن الإجابة M وموضوع مهيكل X ظاهرة عندئذ يكون .X عن مشكل مطروح حول الظاهرة النموذج التمثل الذهني لشيء ما ولكيفية اشتغاله لأنه عندما نضع شيئا ما في نموذج نستطيع أن نقلد اصطناعيا تصرف هذا الشيء وبالتالي نتوقع حركته في المستقبل ونستعد لردود أفعاله.
هذا ما نجده في الحد الذي وضعه دوران:“ يشمل معنى النموذج في دلالته الأكثر اتساعا
كل تمثل لنسق واقعي مهما كان شكل هذا التمثل“، وكذلك عند فاليزار في قوله:“يعرف
النموذج بماهو كل تمثل لنسق واقعي سواء كان ذهنيا أو ماديا يتم التعبير عنه بلغة أدبية
أو في شكل رسوم بيانية أو رموز رياضية.“
إن النموذج لا يستوفي حقه في مستوى التحديد ما لم نأخذ بعين الاعتبار إمكان أن يكون بنية مفهومية من القيم والعلاقات والخصائص يحيل دوما إلى مرجع أو شيء أو وظيفة، لاسيما وأنه ”وسيط نفوض له وظيفة المعرفة“ كما تقول سوزان باشلار.
الأصل الاشتقاقي اللاتيني للكلمة هو ويعني القالب وهو رسم مجرد أو Modulus
مجسم يهدف إلى تسهيل فهم شيء معين وبالتالي يكون الهدف من النموذج إظهار ملمح
الشيء للعيان وكيف يشتغل.
والحق أن مفهوم النموذج كما هو الشأن عند فاليزار لا ينفصل عن مفهوم النسق بشرط
أن ننظر إلى النسق كتصور لا كواقع خاصة وأن ”كل نسق واقعي لا يحدد إلا بالعودة إلى
نماذج تصورية وعلى خلاف ذلك يمكن اعتبار كل نموذج هو نسق خصوصي مهما كانت
طبيعته فيزيائية أو مجردة“.
علاوة على ذلك يمكن أن يحيل النموذج على معنى محاكاة معطى متعين وعلى معنى
المجاز الذي يعد تعبيرا عن محتوى واقعي، ويشكل نقطة اقتران النشاط العلمي بالنشاط
التقني طالما أن دلالة معنى النموذج لها أصل تكنولوجي ويفيد الرسم الهندسي أو الموضوع
المختزل في مثال مصغر أو في شكل تبسيطي والذي ينتج الموضوع ويعبر عنه وطالما أن
أيضا ”التقنية هي مصدر لا يقل ثراء عن العلم في مستوى اعتبار النماذج أمثلة...إنها نماذج
نبنيها ونتناولها رقميا لنحسب نتائج“ .
” يتمثل النشاط التقني في تحويل معلومات متحققة في شكل تمثلات ذهنية (في صيغة مخططات أو رسوم لإجراءات أو قواعد إجرائية) إلى معلومة متحققة في تنظيم موضوعي وبعبارة أخرى في إسقاط معلومة مجردة وحرة ( مؤسسة بدقة على تمثل) على سند عيني يقبل بفعل هذا الإسقاط ذاته تنظيما إضافيا...“ يمكن تحديد النموذج بالسلب فهو ليس مجرد نسخة من الأصل ولا الأصل في حد ذاته، وهو ليس المثل الأعلى للعلم ولا الصورة المحسوسة المطابقة للواقع العيني، ولا هو المثال الأفلاطوني ولا البراديغم بالمعنى الذي نجده عند توماس كوهن لأنه ليس مجرد فكرة قابلة للتحقيق بل تحقيق عياني للفكرة ويشتغل داخل باراديغم معين ويمكن أن يساعد على استقرار علم المعيار أو حدوث أزمة في البراديغم القديم والتحول نحو تشكيل باراديغم جديد. تبرهن نوال مولود على هذا التصور بقولها:“ النموذج هو
التصميم والشيء المصغر والسهل الاستعمال والذي يعاد من خلاله إنتاج خصائص شيء
ذي أبعاد كبرى سواء تعلق الأمر بمعمار أو بأداة ميكانيكية وفقا لشكل مبسط ومصغر...“
تتميز النماذج بتعقد أنواعها وتنوع استعمالاتها وتكاثر أدوارها وتشعب منازلها وربما لا يوجد سوى العلم والتكنولوجيا هما اللذان يساعدان على تقدير حجمها وضبط إيقاعها، فما رأي فلسفة العلم ممثلة في الإبستيمولوجيا مطعمة بالفنومنولوجيا في ذلك؟ وألا يمكن أن تنير لنا الطريق في هذا الاتجاه؟
2- صلاحيات النمذجة: الوظائف والأبعاد:
” منذ أن يقوم المنمذجون بتغيير الشفرات لوصفها أو لفك الشفرة التي يقرؤونها بها تصبح العديد من الظواهر مفهومة...“ ترتب عن ما سبق أن مفهوم النموذج تم تعميمه على معظم الميادين ووقع تركيزه في مختلف المجالات العلمية وأن ”نظرية النماذج هي دراسة علاقات بين لغة صورية وبين تأويلها بواسطة انجازات محسوسة“ كما حددها عالم المنطق البولوني ألفرد تارسكي مؤسس علم المعنى المنطقي ونظرية الأنساق الصورية وليست فقط رسوم مجردة تهدف إلى فهم وضعية محسوسة وتناولها، لكن الأسئلة التي تطرح هنا هو: لما يصلح النموذج؟
وماهي أبعاده؟ وهل يمكن معرفة منزلته في العلم؟ يمكن تصنيف النماذج بالاعتماد على
عدد من المعطيات:
- هناك نماذج واعية تحليلية ونماذج لاواعية
- هناك نماذج يقينية مستقرة وأخرى احتمالية قيد التجريب.
- هناك نماذج تفكيكية تقوم على التجريد وأخرى تركيبية تقوم على البناء.
- ثمة نماذج مغلقة تحتوي على عناصر معروفة ومضبوطة وأخرى منفتحة لا تتأثر
بالزيادة والنقصان وتعتبر ذلك تكامل عضوي يكونها.
- ثمة نماذج مختزلة بسيطة يحتوى على عنصر واحد وهناك نماذج معقدة تتكون من
عدة عناصر متشابكة ومتفاعلة ومنفتحة على عناصر أخرى.
- يمكن تصنيف النماذج على أساس الارتباط بالزمان والمكان بحيث هناك نموذج
تعاقبي يرتكز على مفهوم التالي بين السابق واللاحق وهناك نموذج تزامني بنيوي يشتغل
بالتعالي على التاريخ مثل النماذج اللغوية والرياضية.
- يمكن تصنيف النماذج على أساس الهدف الذي ترمي إليه وبالتالي نجد نموذج موضوعي مادي يدخل المنمذج إلى الواقع من أجل إدراكه وتفسيره ونجد نموذج ذاتي نفسي يدخل إلى العقل ويدرس علاقته بالواقع ويتقصى سبل المعرفة الأخرى عند الإنسان .
- ثمة نماذج متلقية تكتفي بتسجيل المعلومات الواردة من الطبيعة ونماذج اجتهادية تضيف عدة أبعاد جديدة للواقع وثمة نماذج تراكمية تقوم على التجميع والتحصيل والاستنتاج ونماذج توليدية تبدع وتنشئ أشياء جديدة تزيدها إلى رصيد المعرفة.
اللافت للنظر على أن النمذجة هنا هي إعادة بناء وإعادة إنتاج وأن العلاقة بين النموذج الذي وقع تصميمه والواقع الذي تمت نمذجته ليست علاقة تطابق ومماهاة بل هي علاقة محاكاة تقريبية.
في هذا السياق يمكن الرجوع إلى بول ريكور في الفصل الذي خصصه للنمذجة في المجاز الحي عندما عرف النموذج على أنه ” وسيلة استكشافية يسعى إلى اختراق التأويل غير المطابق بواسطة التخييل وخط الطريق نحو تأويل جديد أكثر مطابقة“ لكونه وسيلة
إعادة وصف ينتمي إلى منطق الاكتشاف لا إلى منطق الحجة وعندما قارن بين النموذج
والمجاز واعتبر منزلة النموذج في اللغة العلمية كمنزلة المجاز في اللغة الشعرية من
جهة العلاقة بالواقع وعندما ميز أيضا بين ثلاثة أبعاد للنمذجة:
à - النماذج بالقياس أو حسب السلم وهي تمثل الدرجة الدنيا من الترتيب l’échelle وتقتصر على عمليات التصميم والتكبير والتصغير والتصوير والنمنمة من خلال علاقة لامتماثلة مع الشيء المراد إظهاره كماهو وكيف يشتغل من خلال التركيز على مجموعة من الخصائص الملائمة مع النمط الأصلي.
- النماذج التناسبية أو حسب التشاكل تأخذ بعين الاعتبار تغيير الوسط par analogie
وتمثيل البنية وتحرص على تمثيل منظومة العلاقات التي تحاكي النمط الأصلي عن
طريق مبدأ التقابل الرياضي وبالتالي يتشابه النموذج والنمط الأصلي ليس في المستوى
المرئي الظاهر بل في البنية فقط.
ما théoriques - ليست النماذج النظرية يمكن إظهاره أو ما يجب صنعه بل هي ليست
أشياء أصلا بل بني افتراضية يقع تصورها عن طريق ضرب من الخيال العلمي، إنها تدشن
لغة جديدة يوصف من خلالها النمط الأصلي دون أن يصنع. ينتهي ريكور في هذا النص
الشهير إلى النتيجة التالية:“ لا تعني العودة إلى الخيال العلمي التخلي عن العقل والذهول
بواسطة الصور بل بالأساس الاقتدار الكلامي على البحث في علاقات جديدة حول النموذج
الموصوف ”. يحاول بول ريكور هنا توسيع نظرية المجاز لتشمل نظرية النموذج وما يهتم
به هنا هو الفعل الارتدادي لنظرية النموذج على نظرية المجاز ويستنتج أن اختزال النموذج في مجرد حيلة نفسية يساوي اختزال المجاز في أسلوب تجميلي.
غني عن البيان أننا أمام عدة أنواع من النماذج لها عدة طبقات وتتنزل ضمن عدة سياقات، فماهي وظائفها؟ وما مدى صلاحيتها؟
اللفظ نموذج يستعمل في العلوم في أربعة سياقات مختلفة هي:
- التصميم أو التخطيط الذي يصلح لإنتاج .Protitypages أنماط
- النموذج المفهومي الذي يصلح للتشخيص والفهم من خلال نظرة فكر تحليلية أو حسابية تمثل الظواهر والعلاقات بينها ، أما الحد الأقصى فإن نظرية النماذج تستثمر الصلاحية المنطقية للنماذج.
ذات طبيعة simulations - التقليدات تكهنية وتشخيصية التي تم وضعها بواسطة
الحاسوب وتتفرع إلى نماذج حسابية ورقمية .Stochastiques وتحليلية وتصنيفية تخزينية
Organisme modèle - الجسم النموذجي هو نوع حي يمكن أن نرفعه بسهولة ونفلحه
بغية إجراء بعض التجارب العلمية والتي يصعب علينا وضعه ضمن نسق بالغ التعقيد مثل النوع البشري. يفيد المعنى المطبق على السياسة وعلم الاجتماع والثقافة أن النموذج يبلور سيطرة شكلانية في مقصد النوع البشري والمجتمع الإنساني ويؤسس مجموعة من القواعد التي تكون نوع من الأخلاق المرنة ويطبعها ويظهرها. ويستعمل النموذج هنا مرجعية معينة وإحالة خاصة به ويعرف بشكل حر صورة ما وبنية اجتماعية تمثل الهيكلية التي تتركب منها الجماعة.
من جهة مقابلة يحتل النموذج الفني مكانة بارزة في مجتمع الفرجة فهو يطرح ويعرض من أجل الفن الموضة التي ينبغي إتباعها والرسائل الاشهارية المناسبة للمنتوجات المعدة للاستهلاك. إن الاشتغال على النموذج يتم في أنظمة أخرى مثل ألعاب التمثيل والرقص
والتقليد حيث يكون من الصعب علينا أن نرسم حدودا فاصلة بين هذه القطاعات لاسيما وأن
مجرد الظهور في فيلم أو مسرحية لا يمكن اعتباره نشاطا بالمعنى الحقيقي للنموذج مهما كانت طبيعة الدور الذي يؤديه الممثل .
إن النموذج مطالب أن يعبر من خلال جسمه وتعبيراته عن انفعالاته المنقولة عبر الميديا
والرسم والنحت والتصوير الفوتوغرافي.
يلعب النموذج وظيفة بيداغوجية تتمثل في قدرته على تبسيط ماهو معقد عبر توخيه
إستراتيجية الإهمال من أجل الوصول إلى درجة معقول من فهم الظواهر ، حول ذلك يصرح باسكال نوفال:“ ليس النموذج علامة على علاقة مستحدثة بين عناصر كثيرة بل هو التعبير عن مثل تلك العملية المراقبة للإهمال.
واستراتيجيا الإغفال تجد نفسها مرتبطة بالفهم...انه ينبغي التبسيط إلى أقصى حد لكي نستطيع القول إن هذا حدث دائما. إذن فالتبسيط هو نمذجة...“
المصدر كما ورد بالمقال :
* كاتب فلسفي من تونس
هوامش
C. Cohen Tannoudji, la notion de modèle en physique
théorique, p31
.in Axiomatique de la modélisation 2
3 فيرنر هيزنبرغ ، الجزء والكل : محاورات في مضمار الفيزياء الذرية، ترجمة محمد أسعد عبد ، الرؤوف، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1986 52- ص 51
J- L- Le Moigne , le constructivisme, éditions 4 pp15 ,T3 ,2002,L’Harmattan
20 Ludwig Pascal, la philosophie des sciences au 5
.201-200 siècle, pp
6Pierre Duhem, la théorie physique, son objet et sa
‘‘& -structure , pp143
Hans Freudenthal, Colloque, Danger d’une prédominance 7
abusive du syntaxe sur la sémantique dans les sciences
.1978 actuelles, Paris
Hans Freudenthal, la sémantique du terme modèle, 8
160-pp159
Jean Laderiere, les enjeux de la rationalité, pp63 9
Noel Mouloud, Encyclopidia Universalis, Modèle, 10
530-pp529
,J- L- Le Moigne , le constructivisme, éditions L’Harmattan
pp196 ,T3 ,2002
Houria Sinaceur, Corps et Modèles Mathésis, Editions 2
P1 ,1991 ,Vrin
3Paul Ricoeur , la métaphore vive, Editions du Seuil,
310 -302 pp , 1974 ,Paris
Pascal Nouvel, Enquête sur le concept de modèle- 4
196 -Article : Modèles et métaphores, pp193
هذا المقال مقتبس عن جريدة العرب الأسبوعي بتاريخ 4/4/2009 بعنوان أفكار وقضايا 9
لتحميل الدراسة