إعداد : حاتم بن عبد السلام
أستاذ أول للتعليم الثانوي
مدير المدرسة الإعدادية العهد الجديد بمساكن
الـخــصـوصــــيـّـة و الـــكونـــيـّــة
تمهيد إشكالي :
واقع التنوّع و مشكل الهويـّة أو إنقاذ الكوني أم إنقاذ أنفسنا
من الكوني ؟
- ما حاجة ثقافة مخصوصة إلى الكلـّي والكوني ؟
- ما فائدة الكونية ؟ وما فائدة الخصوصي من الارتقاء إلى الكلـّي ؟
- هل هذه الفائدة أو هذا الحب للكلـّي ميل كلـّي ؟ أي هل الميل إلى الكلـّي اختيار كلي أم هو ميل ثقافة ما ؟
• ليس هناك ضرورة أو فائدة لثقافة في أن تنخرط في الكلي فالثقافة تنتج الكلـّي دون إرادة منها ودون برنامج مسبق فالكلـّي ينتج أوّلا ثم يتم التفكير فيه ككلـّي إنه ليس اختيار حضارة ما وليس مخططا ليصبح كليا بل ينجز أو يصبح كليا بعد الإنجاز
• الواقع الرّاهن اليوم لا يشهد قمّة الكلي وتأوّجه بل الكلي اليوم يطرح العديد من المشاكل والدليل على ذلك إننا نتحدّث اليوم عن أزمة العلم كعلم كوني
وسياسيا نتحدث عن عدم ملائمة الديمقراطية لبراديقمات اجتماعية.
• اختيار الكوني و تسويغ المفهوم كان اختيارا وتسويغا غربيا أي أنه يعبّر عن رغبة ثقافة ما في تحويل قيمها إلى مستوى الكونية ممّا جعل مفهوم الكوني محلّ تظنـّن وحيرة وممـّا يطرح السؤال التالي:
هل يجب أن ننقذ الكوني أم ننقذ أنفسنا من الكوني ؟
1- فعلا يجب أن ننقذ الكليّ: إذ الارتقاء إلى الكليّ يحقق فوائد أهمها :
أ- فائدة حضارية للكوني:
لأن كل ثقافة تحتاج إلى نوع من الكليّ و لأن كل حضارة تحتاج إلى بعد كوني بمعنى أنها تحتاج إلى قيمة معترف بها من طرف كل الحضارات و من كل البشر، أي أن الحضارة تقوم على ضرب من القيم الكلية التي بها توحّد المجتمع و تعيد في كل مرة امتلاك ذاتها وعالمها من جديد والتفاعل مع الواقع بفضل قيمها الكلية + كل ثقافة تطرح نفسها كثقافة كلية أي كضرب من الاعتقاد في كلـّي يمكنّها من المحافظة على هويّتها في مواجهة الهويات الوافدة والمهددة أي أن كل ثقافة لابدّ أن تبلور تصوّرها للكلـّي الذي يسمح لها بالحفاظ على خصوصيها باسم الكلـّي الذي تتمسك به والذي يختلف عن كلـّي الثقافة المغايرة لها.
الإنسان كائن يتوق إلى المطلق وفي فكرة الكوني هناك فكرة المطلق لذلك تعمل كل حضارة على إنتاج مفاهيم كليّة والاستفادة منها كمطلق تسعى إليه + الكوني ضرب من التوافق والتوافق هو توافق آراء وفق تعبير هابرماس مما يجعل الأفراد متعاقدين على جملة من القيم الكليّة.
هناك حاجة إلى مطلق متـّفق حوله من طرف الجميع بمعنى أن الحضارة تحتاج إلى ما هو كوني تعتقد فيه ومطلق حول ذاتها ورغبة في تجاوز ذاتها والتعلـّق بصورة ترغب فيها حول ذاتها.
هناك رغبة في تقاسم الكليّ لأنه مفروض علينا ليس لأنه اختاره الجميع بل لأنه في صالح الجميع + هناك أنواع من الكونية يمكن أن تتجلـّى كرغبة في التواجد والتعايش
والاعتراف بثقافات مغايرة نلحظها خصوصا في الثقافات الملائمة أو المجتمعات اللائقة بتعبير راولز التي تعترف بالتنوع وليست لها رغبة في التوسع . هذه الفائدة من الكونية تعبّر عن السعي إلى تطوير الرغبة في العيش معا وفق كوني صالح .
ب- فائدة أخلاقية للكوني :
إن الكوني حين يتعلـّق بالقيم ويرتبط بأفق تأسيسي ينتج إيتيقا كليّة على الشكل الذي يدعو إليه كانط بحيث يفعل الإنسان وكأن إرادته ستصبح قانونا عاما لكل الناس أي اختيار قاعدة للسلوك وامتحان إمكانية ارتقاء الفعل إلى الكلـّي لأن القانون الأخلاقي قانون كلـّي وكوني
ولا يستعمل بإستثناءات إذ الكوني في مستوى أخلاقي هو الشكليّة Formalisme التي لا تعتبر الأخلاق حسنة أو سيئة بل هي قانون نابع من العقل الذي مهما كان ضعيفا يدرك الكلـيّ .
إن الكونية أخلاقيا تعني النظر إلى الذات ليس فقط كذات بل كمشرّع يحقـّق الكلـّي
ويعتبر الكوني متمثـّلا في إدراك الذات لذاتها في كل إنسان. و احترام الإنسانية ليس في الآخر بل في الذات ممّا يعني أن الكونيّة ليست فكرة الآخر بل هي فكرة الإنسانية.
ج- فائدة سياسية للكونية :
تـُختزل في مفهوم الضيافة الكونية القائم على تقدير قيم الحضارات الأخرى والتعايش مع الخصوصيات المغايرة من أجل بلوغ سلم دائمة وأبدية وإنشاء ميثاق أو عهد سياسي عالمي .